للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَصْلٌ)

وَمَضَى ? حَتَّى وَصَلَ إِلى مَكَانٍ يُقَالُ لَهُ الشَّيْخَيْنِ، فَعَسْكَرَ بِهِ، ثُمَّ اسْتَعْرَضَ الْجَيْشَ، فَرَدَّ مَنْ اسْتَصْغَرَهُ مِنْ جُنُودِهِ.

وَكَانَ فِيمَنْ رَدَّ رَسُولُ اللهِ ? مِنْ هَؤُلاءِ الصِّغَارِ رَافِعُ بن خَدِيجٍ

وسمرة بن جُنْدُبٍ، فَقِيلَ لِرَسُولِ اللهِ ?: إِن رَافِعًا يُحْسِنُ الرِّمَايَةَ فَأجَازَهُ فَبَكَى سمرة ابن جُنْدُبٍ، وَقَالَ: أَجَازَ رَافِعًا وَرَدَّنِي مَع أَنِّي أَصْرَعُهُ، فَسَمِعَ بِذَلِكَ رَسُولَ اللهِ ? فَأَمَرَهُمَا أَنْ يَتَصَارَعَا فَكَانَ الْغَالِبُ سمرة، فَأجَازَهُ.

وَبَاتَ رَسُولُ اللهِ ? لَيْلَتَهُ تِلْكَ بِالشَّيْخَيْنِ وَاسْتَعْمَلَ عَلَى حَرَسِ الْجَيْشِ مُحَمَّدَ بن سَلَمَةَ، وَعَلَى حَرَسِهِ، ذَكْوَانَ بن قَيْسٍ.

وَنَامَ ? حَتَّى إِذَا كَانَ السَّحَرُ، قَالَ: «أَيْنَ الأَدِلاءُ، مَن رَجُلَ يَدُلُنَا عَلَى الطَّرِيقِ، يُخْرِجُنَا عَلَى الْقَوْمِ مِنْ كَثَبٍ» . فَقَامَ أَبُو خَيْثَمَةَ الْحَارِثِي، فَقَالَ: أَنَا يَا رَسُولَ اللهِ.

وَلَمَّا بَلَغَ ? الشَّوْطَ، وَهُوَ بُسْتَانٌ بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَأُحُدٍ، انْشَقَّ الْجَيْشُ عَلَى رَسُولِ اللهِ ?، فَرَجَعَ عَبْدُ اللهِ بن أُبَيّ بِثَلاثِمَائةِ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَهُوَ يَقُول: أَطَاعَ الْغُلْمَانَ وَعَصَانِي، فَعَلامَ نَقْتُلُ أَنْفُسَنَا هَا هُنَا، فَجَعَل عَبْدُ اللهِ بن عَمْرُو بن حَرَامٍ يُحَاوِلُ أَنْ يَثْنِيهُمْ عَنْ عَزْمِهِمْ هَذَا، وَيُنَاشِدُهُمْ اللهَ أَلا يَشُقُّوا عَصَا الْجَمَاعَةِ، وَأَنْ لا يَخْذُلُوا قَوْمَهُمْ وَنَبِيَّهُمْ فِي حَضْرَةِ الْعَدُوِّ، فَيَقُولُونَ لَهُ مُتَهَكِمِينَ بِهِ {لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لاَّتَّبَعْنَاكُمْ} .

وَقَدْ أَحْدَثَتْ هَذِهِ الْفِعْلَةُ الشَّنِيعَةُ، خَلْخَلَةً عَظِيمَةً فِي بِنَاءِ الْجَيْشِ، فِي هَذَا الْوَقْتِ الْحَرِجِ، وَأَحْدَثَتْ زَلْزَلَةً شَدِيدَةً فِي نُفُوس الْمُسْلِمِينَ، حَتَّى لَقَدْ هَمَّتْ بَنُوا حَارِثَةَ مِن الْخَزْرَجِ، وَبَنُوا سَلَمَةَ الأَوْسِ، أَنْ تَفْعَلا كَمَا فَعَلَ أَصْحَابُ ابنُ أَُبَيّ، وَلَكِنْ عَصَمَهُمُ اللهُ، فَعَادُوا إِلى صُفُوفُ الْجَمَاعَةِ، وَسَارُوا مَعَ الْجَيْشِ، كَمَا يَسِيرُونَ.

وَمَضَى رَسُولُ اللهِ ? إِلى أُحُدٍ، وَهُوَ جَبَلٌ كَثِيرُ الْمَسَالِكِ، وَالشِّعَابِ، تَقْطَعُهُ عِدَّةُ وِدْيَانٍ، وَيُدورُ دَوْرَةً وَاسِعَةً فِي مُوَاجَهِةَ السَّهْلِ الضَّيّقِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>