للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك لم يؤثر فيه أي تأثير. ألم يكن في أمان ترعاه عناية الله العلي القدير! . نفس الشعور الذي لا يخونه، والثقة التي لا حد لها في معونة الله والإيمان بالنصر النهائي لقضيته.

بقي وحده في الميدان وعاصفة العدو تدوي من حوله، ونادى بأعلى صوته: «أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب» وصرخ العباس بصوته الجهورى: (يا معشر الأنصاري الذين آووا ونصروا، يا معشر المهاجرين الذين بايعوا تحت الشجرة. إن محمدًا حي فهلموا) وكرر العباس النداء حتى تجاوبت في كل جنبات الوادي أصداؤه.

وأجاب المسلمون من كل جانب: (لبيك! لبيك!) وعادت جموعهم تلتئم من جديد. وترجل نفر منهم عن أفراسهم وجمالهم وشدوا على العدو بعنف

وجرأة، فلم يستطع العدو الثبات في وجههم وأخذ فريق منهم في الفرار، وبقى نفر آخر يقاوم وقتًا ما، ولكن عندما سقط حامل اللواء، ولوا جميعًا الأدبار.

وعندما اعتزمت هوزان الخروج للقتال أمر كبيرها مالك - وهو فتى متهور في الثلاثين من عمره - أن يخرج النساء والأطفال مع الجيش، ظنًا أن وجود هؤلاء يكون مشجعًا ومثيرًا لعواطف رجاله، وحاثًا لهم، إن دارة الدائرة، على أن لا يتقهقروا ويولوا أعقابهم، ولكن لما أزفت الساعة الرهيبة تركوا وراءهم كل شيء: النساء، والأطفال، والغنم، فوقع في يد المسلمين أربعةٌ وعشرون رأس من الغنم، وأربعة آلاف أوقيةٍ من الفضة، غير ستة آلاف أسير.

وبعد أن وضع المسلمون غنائمهم في مكان حريز، أخذوا في السير للحاق بعدوهم المتقهقر، وقد احتمى فريق منهم في قلعتهم في أوطاس، فأوفد إليهم النبي ? سرية من المسلمين لتشتيتهم، بينما احتمت ساقتهم بأسوار الطائف المحصنة تحصينًا متينًا مسلحًا، كانوا رجال حرب محنكين خبيرين بالأسلحة الحديثة كالمنجنيق، وكانوا قد اختزنوا مئونة عام كامل داخل الأسوار، وأقاموا عليها حراسة وفيرة العدد، ووزعوا حامياتها حول أسوار المدينة.

<<  <  ج: ص:  >  >>