للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اليمن، وشرح لهم كيف شاهد قصور القياصرة، وقصر كسرى وصنعاء، وبشرهم بأنهم سيسيطرون على هذه الممالك جميعها.

فَيَا لَهَا مِن ظَاهِرَةٍ عجيبة! يرى النبي ? من خلال السحب القائمة وجيوش الأعداء تحيط به من كل جانب، عازمة على إبادتهم، مستقبلاً سعيدًا عزيزًا للإسلام! أليس هذا بعجيب، فوق ما يتصور البشر، ومن غير الله علام الغيوب، يستطيع أن يكشف للنبي ? عن المستقبل، وما يدخره لهم من عزة وسلطان، في مثل هذه اللحظة العسيرة، التي يهدد الأعداء فيها الإسلام بالانقراض والدمار؟!

كانت ساعة رهيبة، تلك الساعة التي إنقضت فيها جموع الأحزاب على المدينة، ارتجت المدينة، وقد وصف في القرآن ما انتاب أهلها من قلق وفزع: {إِذْ جَاؤُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيداً} .

وعلى الرغم من مَنَاظِر الْفَزَعِ والْهَلَع، فإن المسلمين كانوا مطمئنين إلى تحقيق ما وعدهم الله ورسوله، وقد وصف القرآن شعورهم: {وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَاناً وَتَسْلِيماً} .

وفطن المسلمون إلى أن هذه المحاولة هي محاولة يائسة لعدو متهالك، على الرغم من البلايا التي حاقت بهم، ونزلت بساحتهم، وأحسوا أن هذه هي المحاولة الأخيرة، وستختضد شوكة الأعداء بها إلى الأبد، وأنها بداية عهد عز الإسلام، ونشره وانتصاره.

احتاط المسلمون للأمر، فقد كانوا يخشون خيانة اليهود أو هجوم العدو

<<  <  ج: ص:  >  >>