للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المفاجئ، فوضعوا نساءهم وأطفالهم في مكان أمين، واستمر الحصار شهرًا ذاق المسلمون خلاله ألوان العذاب والحرمان.

وقد شاركهم النبي ? في مصيرهم، فجاعت بطونهم، وكادوا يهلكون، وعصبوا بطونهم بالحجارة، ولكن روحهم المعنوية لم تهن ولم تتزعزع. ولو أن غطفان أخذت ثلث الثمار لما انضمت إلى الأعداء، ولنقصت قوات الأعداء كثيرًا.

ولكن الأنصار رفضوا على الرغم من جوعهم الشديد الذي بلغ حد الهلاك، فقد أبوا أن يقبلوا عملاً يعتبرونه ماسًا لكرامتهم، فكيف يدفعون خراجًا لغطفان بعد أن شرفهم الله بالإسلام، وما كانوا يدفعون له شيئًا أيام الجاهلية، فليكن ما يكون، وليذودوا عن أنفسهم حتى آخر رجل، وإنهم لصابرون حتى يقضي الله أمرًا كان مفعولاً.

كان اليهود والمنافقون ينتظرون هجوم الأعداء من الخارج، ليثيروا الشغب في الداخل، وابتدأت منازعات فردية داخلية، انتصر فيها المسلمون، وَقَتَلَ عَلِيّ بن أبي طالب عمرو بن عبد ود، الذي كان يزعم أنه كفء لمنازلة ألف رجل والانتصار عليهم، وهجمت قريش بكل قواها ولكنها لم تستطع اجتياز الخندق.

ونزل على المسلمين وابل من السهام والحجارة، ولولا ثباتهم الرائع الذي أمدهم الله به، وإيمانهم العميق الذي ثبته الله، لتمكنت قريش منهم. وأخيرًا جاء الفرج من السماء، وجوزوا على ثباتهم خير جزاء، فبعد أن أخفق جيش الأعداء العظيم في اقتحام الخندق، وبعد أن قلت المئونة، وسئموا الحصار، أرسل الله عليهم ريحًا صرصرًا عاتية، قلبت قدورهم، واقتلعت خيامهم، فوقع الاضطراب في صفوفهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>