للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دِينَارٍ فَقَسَمَهَا كُلَّهَا فِي بَنِي زُهْرَةَ وَفُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ وَأَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا بَعَثَ إِلى أَمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: مَنْ بَعَثَ هَذَا الْمَالَ؟ فَقِيلَ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن عَوْفٍ. فَقَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لا يَحْنُوا عَلَيْكُنَّ مِنْ بَعْدِي إِلا الصَّابِرُونَ)) .

بَقِيتْ دَعْوةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ بَأَنْ يُبَارِكَ اللهُ لَهُ حَتَّى صَارَ أَغْنَى الصَّحَابَةِ فَقَدْ أَخَذَتْ تِجَارَتهُ تَنْمُو وَتَزْدَادُ وَصَارَتْ قَوَافِلُه تَتَرَدَّدُ ذَاهِبَةً مِنْ الْمَدِينَةِ أَوْ رَاجِعَةً إِلَيْهَا تَحْمِلُ الْبُرَّ وَالدَّقِيقَ وَالدُّهْنَ وَالثِّيَابَ وَالآنِيَةَ وَالطِّيْبَ وَكُلَّ مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ.

وَلا غَرَابَةَ فَقَدْ دَعَا لَهُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَأَنْ يُبَارَكَ لَهُ فِي مَالِهِ، لَكِنَّ ذَلِكَ الْمَالَ لَمْ يَفتِنْ عَبْدَ الرَّحْمَنِ وَلَمْ يُغَيِّرهُ فَكَانَ النَّاسُ إِذَا رَأَوهُ بَيْنَ مَمَالِيكِه لَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ وَفِي يَوْمٍ مَا أُتِيَ بِطَعَامٍ وَهُوَ صَائِمٌ فَنَظَرَ إِلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: لَقَدْ قُتِلَ مُصْعَبُ بنُ عُمَيْرِ وَهُوَ خَيْرٌ مِنِّي فَمَا وَجَدْنَا لَهُ إِلا كَفنًا إِنْ غَطَّى رَأْسَهُ بَدَتْ رِجْلاهُ وَإِنْ غَطَّى رِجْلِيهِ بَدَا رَأْسُهُ ثُمَّ بَسَطَ اللهُ لَنَا مِنْ الدُّنْيَا مَا بَسَطَ وَإِنِّي لأَخْشَى أَنْ يَكُونَ ثَوَابُنَا قَدْ عُجِّلَ لَنَا ثُمَّ جَعَلَ يَبْكِي وَيَنْشَجُ حَتَّى عَافَ الطَّعَامَ طُوبَى لِعَبْدِ الرَّحْمَن بن عَوْفٍ وَأَلْفُ غِبْطَةٍ.

فَقَدْ بَشَّرَهُ بِالْجَنَّةِ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ وَحَمَل جَنَازَتَه خَالُ رَسُولِ اللهِ سَعْدُ بنُ أَبِي وَقَّاصٍ.

وَصَلَّى عَلَيْهِ ذُو النُّورَيْنِ عُثْمَانُ بنُ عَفَّانٍ وَشَيَّعَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِّي بنْ أَبِي طَالِبٍ وَهُوَ يَقُولُ: لَقَدْ أَدْرَكْتَ صَفْوَهَا وَسَبَقْتَ زَيْفَهَا يَرْحَمُكَ اللهُ. انْتَهَى.

اللَّهُمَّ يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ يَا مَنْ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ مَكِّنْ مَحَبَّتَكَ فِي قُلُوبِنَا

<<  <  ج: ص:  >  >>