للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهُمْ الْبَكَّاءُونَ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنْ الدَّمْعِ حَزْنًا أَلا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ.

وَأُطْلِقَ عَلَى الْجَيْشِ جَيْشَ الْعُسْرَةِ عِنْدَ ذَلِكَ أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ بِالنَّفَقَةِ فِي سَبِيلِ اللهِ وَاحْتِسَابِ ذَلِكَ عِنْدَ اللهِ.

فَهَبَّ الْمُسْلِمُونَ يَسْتَجِيبُونَ لِدَعْوَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ فِي طَلِيعَةِ الْمُتَصَدِّقينَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن عَوْفٍ فَتَصَدَّقَ بِمَائتي أَوْقِيَّةٍ ذَهَبًا فَقَالَ عُمَرُ بنُ الْخَطَّابِ لِلنَّبِيِّ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنِّي لا أَرَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن عَوْفِ إِلا مُرْتَكِبًا إِثْمًا فَمَا تَرَكَ لأَهْلِهِ شَيْئًا.

فَقَالَ الرَّسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ: ((هَلْ تَرَكْتَ لأَهْلِكَ شَيْئًا)) ؟ فَقَالَ: نَعَمْ تَرَكْتُ لَهُمْ أَكْثَرُ مِمَّا أَنْفَقْتُ وَأَطْيَبُ. قَالَ: ((كَمْ)) ؟ قَالَ: مَا وَعَدَ اللهُ وَرَسُولَهُ مِنْ الرِّزْقِ وَالْخَيْرِ وَالأَجْرِ.

وَمَضَى الْجَيْشُ إِلى تَبُوكَ وَهَنَاكَ أَكْرَمَ اللهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بن عَوْفٍ فَقَدْ دَخَلَ وَقْتُ الصَّلاةِ وَرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَائِبٌ فَأَمَّ الْمُسْلِمِينَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن عَوْفٍ وَمَا كَادَتْ تَتِمُّ الرَّكْعَةُ الأُولَى حَتَّى لَحِقَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم بِالْمُصَلِّينَ وَاقْتَدَى بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ وَصَلَّى خَلْفَهُ.

وَلَمَّا لَحِقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالرَّفِيقِ الأَعْلَى جَعَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَوْفٍ يَقُومُ بِمَصَالِحِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ فَكَانَ يَنْهَضُ مَعَهُنَّ وَيَخْرُجُ لِحَاجَتِهِنَّ إِذَا خَرَجْنَ وَيَحُجُّ مَعَهُنَّ إِذَا حَجَجْنَ وَيَجْعَلُ عَلَى هَوَادِجِهِنَّ الطَّيَالِسَةُ وَيَنْزِلُ بِهِنَّ فِي الأَمَاكِنِ الَّتِي تَسُرُّهُنَّ.

وَتِلْكَ مَنْقَبَةٌ مِنْ مَنَاقِبِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن عَوْفٍ وَلَقَدْ بَلَغَ مِنْ بَرِّ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن عَوْفٍ بِالْمُسْلِمِينَ وَأُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ بَاعَ أَرْضًا بَأَرْبَعِينَ أَلْفِ

<<  <  ج: ص:  >  >>