وَأَلْحِقْنَا بِالصَّالِحِينَ وَاْغِفرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَلِجَمِيعِ المُسْلِمِينَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آَلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
(وداع راحل)
أَهَاجَكَ الوجد أَمْ شَاقَتْكَ آثَارُ ... كَانَتْ مَغَانِي نِعْمَ الأَهْلُ وَالدَّارُ
وَمَا لِعَيْنِكَ تَبْكِي حُرْقَةً وَأَسَى ... وَمَا لِقَلِبْكَ قَدْ ضَجَّتْ بِهِ النَّارُ؟
عَلَى الأَحِبَّةِ تَبْكِي أَمْ عَلَى طَلَلٍ ... لَمْ يَبْقَ فِيهِ أَحِبَّاءٌ وَسُمَّارُ؟
وَهَلْ مِن الدَّهْرِ تَشْكُو سُوءَ عِشْرَتِهِ ... لَمْ يُوفِ عَهْدًا وَلَمْ يَهْدَأْ لَهُ ثَارُ؟
هَيْهَاتَ يَا صَاحِبِي آسَىَ عَلَى زَمَنٍ ... سَادَ الْعَبِيدُ بِهِ وَاقْتِيدَ أَحْرَارُ
أَوْ أَذْرِفُ الدَّمْعَ فِي حُبِّ يُفَارُقِنِي ... أَوْ فِي اللَّذَائِذِ وَالآمَالُ تَنْهَارُ
فَمَا سَبَتْنِيَ قَبْلَ الْيَوْمِ غَانِيَةٌ ... وَلا دَعَانِي إِلى الْفَحْشَاءِ فُجَّارُ
أَمَتُّ فِي اللهِ نَفْسًا لا تُطَاوِعُنِي ... فِي الْمَكْرُمَاتِ لَهَا فِي الشَّرِّ إِضْرَارُ
وَبِعْتُ فِي اللهِ دُنْيًا لا يَسُودُ بِهَا ... حَقٌّ وَلا قَادَهَا فِي الْحُكْمِ أَبْرَارُ
وَإِنَّمَا حُزْنِي فِي صِبْيَةٍ دَرَجُوا ... غُفْلٍ عَنْ الشَّرِّ لَمْ يُوقَدْ لَهُمْ نَارُ
قَدْ كُنْتُ أَرْجُو زَمَانًا أَنْ أَقُودَهُمُ ... لِلْمَكْرُمَاتِ فَلا ظُلْمٌ وَلا عَارُ
وَالآنَ قَدْ سَارَعَتْ دَرْبِي إِلى كَفَنٍ ... يَوْمًا سَيَلْبَسُهُ بَرَّ وَجَبَّارُ
بِاللهِ يَا صِبْيَتِي لا تَهْلِكُوا جَزَعًا ... عَلَى أَبِيكُمْ طَرِيقُ الْمَوْتِ أَقْدَرُ
تَرَكْتُكُمْ فِي حِمَى الرَّحْمَنِ يَكْلَؤُكم ... مَنْ يَهْدِهِ اللهُ لا يُوبِقُهُ أَوْزَارُ
وَأَنْتُم يَا أُهَيْلَ الْحَيِّ صِبْيَتُكُمْ ... أَمَانَةُ عِنْدَكُمْ هَلْ يُهْمَلُ الْجَارُ؟
أَفْدِي بِنَفْسِيَ أُمًا لا يُفَارِقُهَا ... هُمُّ وَتَنْهَارُ حُزْنًا حِينَ أَنْهَارُ
فَكَيْفَ تَسْكُنُ بَعْدَ الْيَوْمِ مِنْ شَجَنٍ ... يَا لَوْعَةَ الثُّكْلِ مَا فِي الدَّارِ دَيَّارُ
وَزَوْجَةً مَنَحَتْنِي كُلَّ مَا مَلَكَتْ ... مِنْ صَادِقِ الْوِدِّ: تَحْنَانٌ وَإِيثَارً
عِشْنَا زَمَانًا هَنِيًّا مِنْ تَوَاصُلُنَا ... فَكَمْ يُؤَرّقُ بَعْدَ الْعِزِّ إِدْبَارُ