بكَيْتُ عَلَى زَيْدٍ وَلَمْ أَدْرِ مَا فَعَلْ
أَحَيٌّ فَيُرَجَّى أَمْ أَتَى دُونَه الأَجَلْ؟
فَوَ اللهِ مَا أَدْرِي وَإِنِّي لَسَائِلٌ
أَغَالَكَ بَعْدِي السَّهْلُ أَمْ غَالَكَ الْجَبَلْ
تُذْكِّرُنِيهِ الشَّمْسُ عِنْدَ طُلُوعِهَا
وَتُعْرِضُ ذِاكْرَاهُ إِذَا غَرْبُهَا أفَلْ
سَأُعْمِلُ نَصَّ الْعِيسِ في الأَرْضِ جَاهِدًا
وَلا أَسْأَمَ التَّطْوَافَ أَوْ تَسْأَمَ الإِبِلْ
حَيَاتِي أَوْ تَأتِي عَلَيَّ مَنِيَّتِي
فَكُلُّ امْرِئٍ فَانٍ وَإِنْ غَرَّهُ الأَمَلْ
وَاللهُ أَعْلَمُ وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
فَصْلٌ: وَفِي مُوسِمٍ مِنْ مَوَاسِمِ الْحِجِّ قَصَدَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ نَفَرٌ مِنْ قَوْمِ زَيْدٍ وَفِيمَا كَانُوا يَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ، إِذَا هُمْ بِزَيْدٍ وِجْهًا لِوَجْهٍ، فَعَرَفُوهُ وَعَادُوا إِلى دِيَارِهِمْ أَخْبَرُوا حَارِثَةَ بِمَا رَأَوْا وَحَدَّثُوهُ بِمَا سَمِعُوا.
فَمَا أَسْرَعَ أَنْ أَعَدَّ حَارِثَةُ رَاحِلَتَهُ، وَحَمَلَ مِنَ الْمَالِ مَا يَفْدِي بِهِ فَلَذَةَ الْكَبِدِ، وَقُرَّةَ الْعَيْنِ، وَصَحَبَ مَعَهُ أَخَاهُ كَعْبًا، وَانْطَلَقَا مَعًا يُغِذَّانِ السَّيْرَ نَحْوَ مَكَّةَ. فَلَمَّا بَلَغَاهَا دَخَلا عَلَى مُحَمَّدِ بن عَبْدِ اللهِ وَقَالا لَهُ:
يَا ابنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، أَنْتُمْ جِيرَانُ الله، تَفُكُّونَ الْعَانِيَ، وَتُطْعِمُونَ الْجَائِعَ، وَتُغِيثُونَ الْمَلْهُوفَ.
وَقَدْ جِئْنَاكَ فِي ابْنِنَا الذِي عِنْدَكَ وَحَمَلْنَا إِلَيْكَ مِنْ الْمَالِ مَا يَفِي بِهِ. فَامْنُنْ عَلَيْنَا وَفَادِهِ لَنَا بِمَا تَشَاءُ.
فَقَالَ مُحَمَّد: ((وَمَنْ ابْنُكُمَا الذِي تَعْنِيَانِ)) ؟