للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفَسَادٌ وَلَهَا شُؤْمٌ قَدْ يَعُمُّ الدُّنْيَا وَيَفْعَلُ الأَفَاعِيلَ الْعِظَامِ فِي بَنِي الإِنْسَانِ وَمِنْ آثَارِهَا الْمُضرَّةِ بِالْقَلْبِ وَالْبَدَنِ: أَنَّهَا إِفْسَادٌ لِلْعَقْلِ فَإِنَّ الْعَقْلَ نُورٌ وَالْمَعْصِيَةُ تُطْفِئُ نُورَ الْعَقْلِ وَمِنْهَا أَنَّ الْمَعَاصِي مَدَدٌ مِنْ الإِنْسَانِ يَمُدُّ بِهَا عَدُوَّهُ عَلَيْهِ وَجَيْشٌ يُقَوِّيهِ بِهِ عَلَى حَرْبِهِ وَمِنْهَا أَنَّهَا تُوهِنُ الْقَلْبَ وَالْبَدَنَ وَمِنْهَا أَنَّهَا تَزْرَعُ أَمْثَالهَا مِنْ الْمَعَاصِيَ وَمِنْهَا أَنَّهَا تَمْحَقُ بَرَكَةَ الْعُمْرِ وَمِنْهَا أَنَّهَا تُسَبِّبُ شَمَاتَةَ الأَعْدَاءِ وَمِنْهَا أَنَّهَا تُعَسِّرُ عَلَى الإِنْسَانِ أُمُورَهُ، وَمِنْهَا أَنَّهَا تُسَبِّبُ الْوَحْشَة بَيْنَ الْعَاصِي وَبَيْنَ أَهْلَ الْخَيْرِ وَمِنْهَا أَنَّهَا تُذْهِبُ الْحَيَاءَ وَمِنْهَا أَنْ تَسْتَدْعِي نِسْيَانَ اللهِ لِعَبْدِهِ وَتَرْكِهِ، وَمِنْهَا أَنَّهَا تُطْفِئُ مِنْ الْقَلْبَ نَارَ الْغَيرَةِ وَمِنْهَا أَنَّهَا تُضْعِفُ فِي الْقَلْبِ تَعْظِيمَ الرَّبِّ وَمِنْهَا أَنَّهَا تُعْمِي بَصِيرَةَ الْقَلْبِ وَتَطْمِسُ نُورَهُ وَمِنْهَا أَنَّهَا تُسْقِطُ الْجَاهَ وَالْمَنْزِلَةَ عِنْدَ اللهِ إِلى مَالا نِهَايَةَ لَهُ مِنْ الأَضْرَارِ لِهَذَا يَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نَنْهَي عَنِ الْمَعَاصِي لاسِيَّمَا إِذَا كَانَتْ مِنْ كِبَارِ الْمَعَاصِي، وَلا تَنْسَ أَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَعَنَهُمْ اللهُ لَمَّا فَقَدُوا الْغَيرَةَ عَلَى انْتِهَاكِ الْحُرمَاتِ وَلا تَنَاهَوْ عَنْ الْمُنْكَرِ، وَتَأَمَّل أَحْوَالَ الأُمَم وَمَا حَلَّ بِهَا مِنْ الْعُقُوبَاتِ بِأَسْبَابِ الذُّنُوبِ قاَلَ تَعَالى: {فَكُلّاً أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} .

وَذَكَرَ ابنُ كَثِيرٍ أَنَّ فِي سَنَةِ سَبْع وَتِسْعِينَ وَخَمْسُمائة ٥٩٧ اشْتَدَّ الْغَلاءُ بَأَرْضِ مَصْرَ فَهَلَكَ خَلْقٌ كَثِيرٌ جِدّاً مِنْ الْفُقَرَاءِ وَالأَغْنِيَاءِ ثُمَّ أَعْقَبَهُ فَنَاءٌ عَظِيمٌ حَتَّى حَكَى الشَّيْخُ أَبُو شَامَةَ فِي الذَّيْلِ أَنَّ الْعَادِلَ كَفَّنَ مِنْ مَالِهِ فِي مُدَّةِ شَهْرٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ نَحْواً مِنْ مَائَتَيْ أَلْفٍ وَعِشْرِينَ أَلْفِ مَيِّتٍ (٢٢٠٠٠٠) وَأُكِلَتِ الْكِلابُ وَالْمَيْتَاتُ فِيهَا بِمَصْرَ وَأُكِلَ مِنْ الصِّغَارِ وَالأَطْفَالِ خَلْقٌ كَثِيرٌ يَشْوِي الصَّغِيرَ وَالِدَاهُ وَيَأْكُلانِهِ وَكَثُرَ فِي النَّاسَ هَذَا جِدّاً حَتَّى صَارَ لا يُنْكَرُ بَيْنَهُمْ،

<<  <  ج: ص:  >  >>