للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالتَّبْشِيرِ بِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَأَخَذَ أَبْنَاءُ يَثْربَ يُقْبَلُونَ عَلَى مَجَالِس الدَّاعِيَةِ مُصْعَبِ بن عُمَيْرٍ إِقْبَالاً كَبِيراً وَكَانَ يُرَغِّبَهُمْ فِيهِ عُذوبةُ حَدِيثِهِ ووُضُوحُ حُجَّتِه وَرِقَّةُ شَمَائِلِه وَوَضَأةُ الإِيمَان الَّتِي تُشْرَقْ فِي وَجْهِهِ.

وَكَانَ يَجْذِبُهم إِلَيْهِ شَيْءٌ آخَرُ فَوْقَ ذَلِكَ كُلِّهِ هُوَ هَذَا الْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الذِي كَانَ يَتْلُوهُ عَلَيْهِمْ السَّاعَةِ بَعْدَ السَّاعَةِ بَعْضاً مِنْ آيَاتِهِ الْبَيِّنَاتِ بِصَوْتِهِ الْحَسَنِ الْجَمِيلِ الرَّخِيمِ وَنَبَرَاتِهِ الْحُلْوَةِ الآسِرَةِ فَيَسْتَلِينُ بِهَا الْقُلُوبَ الْقَاسِيَةَ وَيَسْتَدِرَّ بِهَا الدَّمُوعَ الْعَاصِيَةَ فَلا يَنْفَضُّ الْمَجْلِسُ مِنْ مَجَالِسِهِ إِلا عَنْ أُنَاسٍ أَسْلَمُوا وَانْضَمُّوا إِلى كَتَائِبِ الإِيمَانِ.

وَفِي ذَاتِ يَوْمٍ خَرَجَ سَعْدُ بنُ زُرَارَة بِمُصْعَبِ بنِ عُمَيْر لِيَلْقَى جَمَاعَة مِنْ بَنِي عَبْدِ الأَشْهَل وَيَعْرُضَ عَلَيْهِمْ الإِسْلامَ فَدَخَلا بُسْتَاناً مِنْ بَسَاتِينَ بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلَ وَجَلَسَا عِنْدَ بِئْرِهَا الْعَذْبِةِ فِي ظِلالِ النَّخِيلِ فَاجْتَمَع عَلَى مُصْعَبٍ جَمَاعَةٌ قَدْ أَسْلَمُوا وَآخَرُون يُرِيدُونَ أَنْ يَسْمَعُوا فَانْطَلَقَ يَدْعُو وَيُبَشِّرُ وَالنَّاسُ إِلَيْهِ مُنْصِتُونَ.

فَجَاءَ مَنْ أَخْبَرَ أُسَيْدَ بنَ الْحَضَيْر وَسَعْدَ بنَ مُعَاذٍ وَكَانَا سَيِّدَا الأَوْسِ بَأَنَّ الدَّاعِيَةَ الْمَكِّيَّ قَدْ نَزَلَ قَرِيباً مِنْ دِيَارِهِمَا وَأَنَّ الذِي جَرَّأَهُ عَلَى ذَلِكَ أَسْعَدُ بنُ زُرَارَةَ مُسْتَغِلاً قَرَابَتَهُ مِنْ سَعْدِ بنِ مُعَاذٍ إِذْ كَانَ ابْنَ خَالَتِه.

فَقَالَ سَعْدُ بنُ مُعَاذٍ لأُسَيْدِ بنِ الْحُضَيْرِ: لا أَبَا لَكَ يَا أُسَيْدُ انْطَلِقْ إِلى هَذَا الْفَتَى الْمَكِّيّ الذِي جَاءَ إِلى بُيُوتِنَا لِيُغْرِيَ ضُعَفَاءَنَا وَيُسَفِّه آلِهَتَنَا وَازْجُرْهُ وَحَذِّرْهُ مِنْ أَنْ يَطَأْ دِيَارِنَا بَعْدَ الْيَوْم.

ثُمَّ أَرْدَفَ يَقُولُ: وَلَوْلا أَنَّهُ فِي ضِيَافَةِ ابنِ خَالِي أَسْعَدِ بنِ زُرَارَةَ لَكَفَيْتُكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>