للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَمَّا جَاءَ الإِسْلامُ بَادَرَ إِلَيْهِ عَبْدُ اللهِ بنُ رَوَاحَةَ وَظَلَّ أَبُو الدَّرْدَاءِ عَلَى شِرْكِهِ وَلَمْ يَقْطَعْ ابنُ رَوَاحَةَ الصِّلَةَ الَّتِي بَيْنَهُمَا بَلْ ظَلَّ يَتَعَهَّدَهُ بِالزِّيَارَةِ وَيَدْعُوهُ إِلى الإِسْلامِ وَيَحَثُّهُ عَلَيْهِ وَيُرَغِّبُهُ فِيهِ.

وَعِنْدَمَا وَصَلَ أَبُو الدَّرْدَاءِ إِلى مَتْجَرِهِ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي اتَّجَهَ عَبْدُ اللهِ بن رَوَاحَةَ إِلى مَنْزِلِ أَبِي الدَّرْدَاءِ فَلَمَّا وَصَلَهُ رَأَى أُمَّ الدَّرْدَاءِ فِي الْفِنَاءِ - أَيْ سَاحَةِ الْبَيْتِ - فَقَالَ: السَّلامُ عَلَيْكِ يَا أَمَةَ اللهِ فَقَالَتْ: وَعَلَيْكَ السَّلامُ يَا أَخَا أَبي الدَّرْدَاءِ.

فَقَالَ: أَيْنَ أَبُو الدَّرْدَاءِ؟ فَقَالَتْ: ذَهَبَ إِلى مَتْجَرِهِ فَقَالَ: أَتَأَذَنِينَ؟ فَقَالَتْ: عَلَى الرَّحْبِ وَالسَّعَةِ وَأَفْسَحَتْ لَهُ الطَّرِيقَ وَمَضَتْ إِلى حُجْرَتِهَا وَانْشَغَلَتْ عَنْهُ بِإِصْلاحِ شَأْنِ بَيْتِهَا وَرِعَايَةِ أَطْفَالِهَا.

دَخَلَ عَبْدُ اللهِ بنُ رَوَاحَةَ إِلى الْحُجُرَةِ الَّتِي وَضَعَ فِيهَا أَبُو الدَّرْدَاءِ صَنَمَهُ وَأَخْرَجَ قَدُّوماً أَحْضَرَهُ مَعَهُ وَمَالَ إِلى الصَّنَمِ وَقَطَّعَهُ بِهِ وَكَسَّرَهُ وَهُوَ يَقُولُ: أَلا كُلُّ مَا يُدْعَى مَعَ اللهِ بَاطِلُ.

ثُمَّ غَادَرَ الْبَيْتَ ثُمَّ دَخَلَتْ أُمَّ الدَّرْدَاءِ إِلى الْحُجُرَةِ الَّتِي فِيهَا الصَّنَمُ فَرَأَتْهُ مُكَسّراً عَلَى الأَرْضِ فَقَالَتْ: أَهْلَكْتَنِي يَا ابْنَ رَوَاحَةَ.

وَلَمَّا عَادَ أَبُو الدَّرْدَاءِ رَأَى امْرَأَتَهُ جَالِسَةً عِنْدَ بَابِ الْحُجُرَةِ الَّتِي فِيهَا الصَّنَمُ وَهِيَ تَبْكِي خَائِفَةً مِنْهُ فَقَالَ: مَا شَأْنُكِ؟ قَالَتْ: أَخُوكَ عَبْدُ اللهِ بنُ رَوَاحَةَ جَاءَنَا فِي غَيْبَتِكَ وَكَسَرَ الصَّنَمَ.

فَنَظَرَ إِلى الصَّنَم فَوَجَدَهُ حُطَاماً فَغَضِبَ وَهَمَّ أَنْ يَسْتَنْصِرَ لَهُ لَكِنَّهُ مَا لَبِثَ إِلا قَلِيلاً حَتَّى سَكَتَ غَضَبَهُ ثُمَّ قَالَ: لَوْ كَانَ فِي الصَّنَمِ خَيْرٌ لَدَفَعَ عَنْهُ الأَذَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>