وَلِجَمِيعِ المُسْلِمِينَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آَلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
فَتَرَبَّى عَبْدُ اللهِ فِي بَيْتِ رَسُولِ اللهِِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاهْتَدَى بِهَدْيِهِ وَتَخَلَّقَ بِشَمَائِلِهِ وَتَابَعَهُ فِي كُلِّ خَصْلَةٍ مِنْ خِصَالِهِ وَتَعَلَّمَ ابنُ مَسْعُودٍ فِي مَدْرَسَةِ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ مِنْ أَقْرَأِ الصَّحَابَةِ لِلْقُرْآنِ وَأَفْقَهِهِمْ لِمَعَانِيهِ وَمِنْ أَعْلَمِهِمْ بِشَرْعِ اللهِ.
وَلا أَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ مِنْ حِكَايَةِ ذَلِكَ الرَّجُلُ الذِي أَقْبَلَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَهُوَ وَاقفٌ بِعَرَفَةَ فَقَالَ لَهُ: جِئْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ الْكُوفَةِ - وَتَرَكْتُ بِهَا رَجُلاً يُمْلِي الْمَصَاحِفَ عَنْ ظَهْرِ قَلْبِهِ فَغَضَبَ عُمَرُ غَضَباً شَدِيداً وَقَالَ: مَنْ هُوَ وَيْحَكَ؟ قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ مَسْعُود فَمَا زَالَ عُمَرُ يَنْطَفِي غَضَبُهُ وَيُسَرَّى عَنْهُ حَتَّى عَادَ إِلى حَالِهِ.
ثُمَّ قَالَ: وَيْحَكَ وَاللهِ مَا أَعْلَمُ أَنَّهُ بَقِيَ أَحَدٌ مِنْ النَّاسِ أَحَقُّ بِهَذَا الأَمْرِ مِنْهُ وَسَأْحَدِّثُكَ عَنْ ذَلِكَ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْمُرُ ذَاتَ لَيْلَةٍ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ - أي يَتَحَدَّثَان وَيَتَفَاوَضَانِ فِي أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ وَكُنْتُ مَعَهُمَا ثُمَّ خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخَرَجْنَا مَعَهُ فَإِذَا رَجُلٌ قَائِمٌ يُصَلِّي بِالْمَسْجِدِ لَمْ نَتَبَيَّنْهُ فَوَقَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْمَعُ إِلَيْهِ.
ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيْنَا وَقَالَ: ((مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ رَطْباً كَمَا نَزَلَ فَلْيَقْرَأ عَلَى قِرَاءَةِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ)) . ثُمَّ جَلَسَ عَبْدُ اللهِ يَدْعُو فَجَعَلَ الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَهُ: ((سَلْ تُعْطَهْ سَلْ تُعْطَهْ)) . قَالَ عُمَرُ: فَقُلْتُ فِي نَفْسِي وَاللهِ لأَغْدُوَنَّ عَلَى عَبْدِ اللهِ بن مَسْعُودٍ لأُبَشِّرَّنَهُ بِتَأْمِين رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى دُعَائِهِ فَغَدَوْتَ عَلَيْهِ فَبَشَّرْتُهُ فَوَجَدْتُ أَبَا بَكْرٍ قَدْ سَبَقِنِي إِلَيْهِ فَبَشَّرَهُ.
لا وَاللهِ مَا سَابَقْتُ أَبَا بَكْرٍ إِلى خَيْرٍ قَطُ إِلا سَبَقَنِي إِلَيْهِ وَلَقَدْ بَلَغَ مِنْ عِلْمِ عَبْدِ اللهِ بن مَسْعُودٍ بِكِتَابِ اللهِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: وَاللهِ الذِي لا آلهَ غَيْرُهُ مَا نَزَلَتْ آيَةٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute