مِنْ كِتَابِ اللهِ إِلا وَأَنَا أَعْلمُ أَيْنَ نَزَلَتْ وَأَعْلَمُ فِيمَا نَزَلَتْ وَلَوْ أَعْلَمُ أَنَّ أَحَداً أَعْلَمُ مِنِّي بِكِتَابِ اللهِ تَنَالُهُ الْمَطِيُّ لأَتَيْتُهُ.
وَلَمْ يَكُنْ عَبْدُ اللهِ بنُ مَسْعُودٍ مُبَالِغاً فِيمَا قَالَهُ عَنْ نَفْسِهِ فَهَذَا عُمَرُ بنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَلْقَى رَكْباً فِي سَفَرٍ مِنْ أَسْفَارِهِ وَاللَّيْلُ مُخَيِّمٌ يَحْجِبُ الرَّكْبَ بِظَلامِهِ وَكَانَ فِي الرَّكْبِ عَبْدُ اللهِ بنُ مَسْعُودٍ فَأَمَرَ عُمَرُ رَجُلاً أَنْ يُنَادِيهِمْ مَنْ أَيْنَ الْقَوْمِ فَأَجَابَهُ عَبْدُ اللهِ بنُ مَسْعُودٍ: مِنْ الْفَجِّ الْعَمِيقِ.
فَقَالَ عُمَرُ: أَيْنَ تُرِيدُونَ؟ فَقَالَ عَبْدُ اللهِ الْبَيْتَ الْعَتِيقَ فَقَالَ عُمَرُ: إِنَّ فِيهِمْ عَالِماً وَأَمَرَ رَجُلاً فَنَادَاهُمْ أَيُّ الْقُرْآنِِ أَعْظَمُ فَأَجَابَهُ عَبْدُ اللهِ بِنُ مَسْعُودٍ {اللهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} الآيةَ قَالَ: نَادِهِمْ أَيُّ الْقُرْآنِ أَحْكَمُ فَقَالَ عَبْدُ اللهِ {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى} .
فَقَالَ: نَادِهِمْ أَيُّ الْقُرْآنِ أَجْمَعُ فَقَالَ عَبْدُ الله: {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ} فَقَالَ عُمَرُ: نَادِهِمْ أَيُّ الْقُرْآنِ أَخْوَفُ فَقَالَ عَبْدُ الله: {لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ} الآية.
فَقَالَ عُمَرُ: نَادِهِمْ أَيُّ الْقُرْآنِ أَرْجِي فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ مَسْعُودٍ: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} فَقَالَ: نَادِهِمْ أَفِيكُمْ عَبْدُ اللهِ بنُ مَسْعُودٍ؟ قَالُوا: اللَّهُمَّ نَعَمْ.
وَلَمْ يَكُنْ عَبْدُ اللهِ بنُ مَسْعُودٍ قَارِئاً عَالِماً عَابِداً زَاهِداً فَحَسْبِ وَإِنَّمَا كَانَ مَعَ ذَلِكَ قَوِيّاً حَازِماً مُجَاهِداً مِقْدَاماً شُجَاعاً إِذَا جَدَّ الْجِدُّ فَحَسْبُهُ أَنَّهُ أَوَّلُ مُسْلِمٍ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ جَهَرَ بِالْقُرْآنِ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute