للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ، قَالُوا: لَوْ كُنَّا نُؤْمِنْ أَنَّكَ رَسُولُ اللهِ مَا صَدَدْنَاكَ عَنْ الْبَيْتِ وَلا قَاتَلْنَاكَ وَلَكِنْ أُكْتُبْ مُحَمَّدُ بن عَبْدِ اللهِ فَنَزَلَ عِنْدَ طَلَبِهِمْ وَهُوَ يَقُولُ: «وَاللهِ إِنِّي لِرَسُولُ اللهِ وَإِنْ كَذَّبْتُمُونِي فَهَلْ خَرَجْنَا مِنْ هَذِهِ» ؟ فَقَالُوا: اللَّهُمَّ نَعَمْ.

وَكَانَ مِنْ ثَمَرَةِ هَذَا اللَّقَاءِ وَمَا وَفَّقَ اللهُ فِيهِ عَبْدَ اللهِ بنَ عَبَّاسٍ مِنْ حِكْمَةٍ وَحُجَّةٍ أَنْ عَادَ مِنْهُمْ عِشْرُونَ أَلْفاً إِلى صُفُوفِ عَلِي وَأَصَرَّ أَرْبَعَةُ آلافٍ عَلَى خُصُومَتِهِمْ لِعَلي، وَلَمَّا لَحِقَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِجِوَارِ رَبِّهِ اتَّجَه عَبْدُ اللهِ بن عَبَّاسٍ إِلى الْبَقِيَّةِ الْبَاقِيَةِ مِنْ عُلَمَاءِ الصَّحَابَةِ يَأْخُذُ عَنْهُمْ الْعِلْمَ وَيَتَلَقَّى عَنْهُمْ.

وَحَدَّثَ ابنُ عَبَّاسٍ عَنْ نَفْسِهِ فَقَالَ: كَانَ إِذَا بَلَغَنِي الْحَدِيثَ عِنْدَ رَجُلٍ مِنْ صَحَابَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَيْتُ بَابَ بَيْتِهِ فِي وَقْتِ قَيْلُولَتِهِ وَتَوَسَّدْتُ رِدَائِي عِنْدَ عُتْبَةِ دَارِهِ فَتَسْفِي عَليَّ الرِّيحُ مِنْ التُّرَابِ مَا تَسْفِي وَلَوْ شِئْتُ أَنْ أَسْتَأَذِنَ عَلَيْهُ لأَذِنَ لِي.

وَإِنَّمَا كُنْتُ أَفْعَلُ ذَلِكَ لأُطَيِّبَ نَفْسَهُ فَإِذَا خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ رَآنِي عَلَى هَذِهِ الْحَالَ وَقَالَ: «يَا ابْنَ عَمِّ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا جَاءَ بِكَ هَلا أَرْسَلْتَ إِلَيَّ فَآتِيكَ فَأَقُولُ أَنَا أَحَقُّ بِالْمَجِيءِ إِلَيْكَ فَالْعِلْمُ يُؤْتَى وَلا يَأْتِي ثُمَّ أَسْأَلُهَ عَنْ الْحَدِيثِ» .

وَكَمَا كَانَ ابنُ عَبَّاسِ يُذِلُ نَفْسَهُ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ فَقَدْ كَانَ يُعْلِى مِنْ قَدرِ الْعُلَمَاءِ فَهَا هُوَ ذَا زَيْدُ بنُ ثَابِتٍ كَاتِبُ الْوَحِي وَرَأْسُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فِي الْقَضَاءِ وَالْفِقْهِ وَالْقِرَاءَةِ وَالْفَرَائِضِ يَهَمُّ بِرِكُوبِ دَابَّتِهِ فَقَالَ: «دَعْ عَنْكَ يَا ابْنَ عَمِّ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» . فَقَالَ ابنْ ُعَبَّاس: هَكَذَا أُمِرْنَا أَنْ نَفْعَلَ بِعُلَمَائِنَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>