للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَمْ يَخُصَّ طَاوُوسُ بنُ كَيْسَانَ الْخُلَفَاءَ وَالْوُلاةَ بِمَوَاعِظِهِ وَِإِنَّمَا بِذَلَهَا لِكُلِّ مِنْ أنسَ بِهِ حَاجَةً إِلَيْهَا أَوْ رَغْبَةً فِيهَا.

مِنْ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ عَطَاءُ بنُ رَبَاحٍ قَالَ: رَآنِي طَاوُوسُ بنُ كَيْسَانَ فِي مَوْقِفٍ لَمْ يَرْتَحْ لَهُ فَقَالَ:

يَا عَطَاءُ إِيَّاكَ أَنْ تَرْفَعَ حَوَائِجَكَ إِلى مَنْ أَغْلَقَ فِي وَجْهِكَ بَابَه ... وَأَقَامَ دُونَكَ حُجَّابه وَإِنَّمَا أَطْلُبُهَا مِمَّنْ أَشْرَعَ لَكَ أَبْوَابَهُ ... وَطَالَبَكَ أَنْ تَدْعُوهُ ... وَوَعَدَكَ بِالإِجَابَة.

وَكَانَ يَقُولُ لابْنِهِ: يَا بُنَيَّ صَاحِبِ الْعُقَلاءَ تُنْسَبْ إِلَيْهِمْ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِنْهُمْ ...

وَلا تُصَاحِبِ الْجُهَّالَ فَإِنَّكَ إِنْ صَحِبْتَهُمْ نُسِبْتَ إِلِيْهَمْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِنْهُمْ ...

وَاعْلَمْ أَنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ غَايَة وَأَنَّ غَايَةَ الْمَرْءِ تَمَامُ دِينِهِ وَكَمَالُ خُلُقِهِ.

وَقَدْ نَشَأ ابْنُهُ عَبْدُ الله عَلَى مَا رَبَّاهُ عَلَيْهِ وَتَخَلَّقَ بِأَخْلاقِهِ، وَسَارَ بِسَيرتَه.

مِنْ ذَلَكِ أَنْ الْخَلِيفَةَ الْعَبَّاسِيَّ أَبَا جَعْفَرٍ الْمَنْصُورَ اسْتَدْعَى وَلَدَهُ عَبْدَ الله، وَمَالِكَ بنَ أَنَسٍ لِزيَارَتِهِ فَلَمَّا دَخَلا عَلَيْهِ وَأَخَذَا مَجْلِسَيْهِمَا عِنْدَهُ الْتَفْتَ إِلى عَبْدِ الله بن طَاوُوسِ وَقَالَ: ارْوِ لِي شَيْئاً مِمَّا كَانَ يُحَدِّثُكَ بِهِ أَبُوكَ.

فَقَالَ: (حَدَّثِنِي أَبِي أَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَذَاباً يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَجُلٌ أَشْرَكَهُ الله عَزَّ وَجَلَّ فِي سُلْطَانِهِ فَأَدْخَلَ الْجَوْرَ فِي حُكْمِهِ) .

قَالَ مَالِكُ بنُ أَنَسِ: فَلَمَّا سَمِعْتَ مَقَالَتَهُ هَذِهِ ضَمَمْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي خَوْفاً مِنْ أَنْ يُصِيبَنِي شَيْءٌ مِنْ دَمِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>