للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَكِنَّ الْجِهَادَ لِدَفْعِ عَدُوِّ مُهَاجِمٍ وَرَدِّ خَطَرٍ جَاثِمٍ عَلَى الأَبْوَابِ فَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ وَهُمْ أَهْلُ الدَّعْوَةِ وَحُمَاتُهَا لِيَنْكُلُوا عَنْ الْجِهَادِ مَهْمَا تَكُنِ الأَسْبَابُ غَيْرَ مُوَاتِيَةٍ وَمَهْمَا تَكُنِ الظُّرُوفُ غَيْرُ مُلائِمَةِ قَالَ تَعَالى: {مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُم مِّنَ الأَعْرَابِ أَن يَتَخَلَّفُواْ عَن رَّسُولِ اللهِ وَلاَ يَرْغَبُواْ بِأَنفُسِهِمْ عَن نَّفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لاَ يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلاَ نَصَبٌ وَلاَ مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلاَ يَطَؤُونَ مَوْطِئاً يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ وَلاَ يُنفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً وَلاَ يَقْطَعُونَ وَادِياً إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللهُ أَحْسَنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} .

وَقَدْ قَاسَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ فِي هَذِهِ السَّفْرَةِ مَشَقَّةً عَظِيمَةً وَعَنْتاً وَنَصْباً كَثِيراً قَالَ قَتَادَةٌ: خَرَجُوا إِلى الشَّامِ عَامَ تَبُوكَ فِي لَهَبَانِ الْحَرِّ عَلَى مَا يَعْلمُ اللهُ مِنْ الْجُهْدِ فَأَصَابَهُمْ فِيهَا جُهْدٌ شَدِيدٌ حَتَّى لَقَدْ ذُكِرَ لَنَا أَنَّ الرَّجُلَيْنِ كَانَا يَشُقَّانِ التَّمْرَةِ بَيْنَهُمَا وَكَانَ النَّفَرُ يَتَدَاوَلُونَ التَّمْرَةِ بَيْنَهُمْ يَمُصُهَا هَذَا ثُمَّ يَشْرَبُ عَلَيْهَا ثُمَّ يَمُصُهَا هَذَا ثُمَّ يَشْرَبُ عَلَيْهَا.

وَرُوِيَ أَنَّهُ قِيلَ لِعُمَرَ بنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ حَدِّثْنَا عَنْ شَأْنِ سَاعَةِ الْعُسْرَةِ فَقَالَ عُمَرُ: خَرَجْنَا إِلى تَبُوكَ فِي قَيْضٍ شَدِيدٍ فَنَزَلْنَا مَنْزِلاً وَأَصَابَنَا فِيهِ عَطَشٌ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّ رِقَابَنَا سَتَنْقَطِعُ وَحَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ لَيَنْحَرُ بَعِيرَهُ فَيَعْصِرُ فَرْثَهُ فَيَشْرَبَهُ ثُمَّ يَجْعَلُ مَا بَقِيَ عَلَى كَبِدِهِ.

فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ اللهَ قَدْ عَوَّدَكَ فِي الدُّعَاءِ خَيْراً فَادْعُ اللهَ لَنَا فَقَالَ: ((أَوَ تُحِبُّ ذَلِكَ)) ؟ قَالَ: نَعَمْ فَرَفَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَيْهِ إِلى السَّمَاءِ فَلَمْ يُرْجِعْهُمَا حَتَّى قَالَتْ السَّمَاءُ - أَيْ

<<  <  ج: ص:  >  >>