للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آَلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.

(فَصْلٌ)

وَخَلَّفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَهْلِهِ عَليَّ بنَ أَبِي طَالِب وَأَمَرَهُ بِالإِقَامَةِ فِيهِمْ فَأُرْجِفَ بِهِ الْمُنَافِقُونَ وَقَالُوا: مَا خَلَّفَهُ إِلا اسْتِشْقَالاً لَهُ وَتَخَفُفاً مِنْهُ فَلَمَّا قَالَ الْمُنَافِقُونَ ذَلِكَ أَخَذَ عَلِيٌّ سِلاحَهُ ثُمَّ خَرَجَ حَتَّى أَتَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْجُرْفِ مَوْضِعٌ عَلَى ثَلاثَةِ أَمْيَالٍ مِنْ الْمَدِينَةِ.

فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ زَعَمَ الْمُنَافِقُونَ أَنَّكَ إِنَّمَا خَلَّفْتَنِي أَنَّكَ اسْتَثْقَلْتَنِي وَتَخففْتَ مِنِّي فَقَالَ: ((كَذِبُوا وَلَكِنِّي إِنَّمَا خَلَّفْتُكَ لِمَا وَرَائِي فَارْجِعْ فَاخْلُفْنِي فِي أَهْلِي وَأَهْلِكَ أَفَلا تَرْضَي يَا عَلِيّ أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلا أَنَّهُ لا نَبِيَّ بَعْدِي)) . فَرَجَعَ عَلِيٌّ.

وَعَقَدَ الأَلْوِيَةَ وَالرَّايَاتِ فَدَفَعَ لِوَاءَهُ إِلى أَبِي بَكْرٍ وَدَفَعَ رَايَتَهُ إِلى الزُّبَيْرِ وَدَفَعَ رَايَةَ الأَوْسِ إِلى أُسَيْدِ بنِ خُضَيْرٍ وَرَايَةَ الْخَزْرَجِ إِلى الْحَبَّاب بن الْمُنْذِرِ وَأَمَرَ كُلَّ بَطْنٍ مِنْ الأَنْصَارِ وَقَبَائِلِ الْعَرَبِ أَنْ يَتَّخِذُوا لِوَاءً أَوْ رَايَةً.

وَخَرَجَ فِي شَهْرِ رَجَبٍ فِي السَّنَةِ التَّاسِعَةِ قَاصِداً نَاحِيَةَ الشَّامِ فِي ثَلاثِينَ أَلْفاً مِنْ النَّاسِ وَالْخَيْلُ عَشْرَةُ آلافِ فَرَسٍ وَكَانَ عَبْدُ اللهِ بنُ أُبَيٍّ رَئِيسَ الْمُنَافِقِينَ خَرَجَ فِي حُلَفَائِهِ مِنْ الْيَهُودِ وَالْمُنَافِقِينَ فَعَسْكَرَ بِهِمْ إِزَاءَ عَسْكَرِ رَسُولِ ِاللهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

فَلَمَّا أَجْمَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى السَّيْرِ تَخَلَّفَ عَنْهُ عَبْدُ اللهِ بِنُ أُبَيّ وَمن كَانَ مَعَهُ كَمَا تَخَلَّفَ عَنْهُ فِي غَزْوَة أُحُدٍ وَلَمْ يَكُنْ الطَّرِيقُ سَهْلاً وَلا السَّفَرُ قَرِيباً وَلا الْوَقْتُ مُلائِماً لِلسَّيْرِ إِنَّمَا كَانَ كَمَا تَقَدَّمَ زَمَانُ عُسْرَةٍ وَشِدَّةِ حَرٍّ وَجُدْبٍ وَحِينَ طَابَتِ الثَّمَارُ وَالظِّلالَ فَالنَّاسُ يُحِبُّونَ الْمَقَامَ فِي ثِمَارِهِمْ وَظِلالِهِمْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>