الْبَعِيرَ الذِي يَحْمِلُ عَلَيْهِ الْمَاءَ فَارْتَحَلاهَ وَزَوَّدَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاعَيْنِ مِنْ تَمْرٍ وَحَمَلَ الْعَبَّاسُ بنُ عَبْدِ الْمُطَّلب رَجُلَيْنِ وَحَمَلَ عُثْمَانُ بنُ عَفَّانَ مِنْهُمْ ثَلاثَةً.
أَمَّا الْمُنَافِقُونَ فَقَدْ أَخَذُوا يَتَعَلَّلُونَ وَيَنْتَحِلُونَ الأَعْذَارَ لِيَتَخَلَّفُوا عَنْ الرَّكْبِ وَكَانُوا مِنْ الأَغْنِيَاءِ الْقَادِرِينَ عَلَى تَجْهِيزِ أَنْفُسِهِمْ وَغَيْرِهِمْ وَلَكِنَّ النِّفَاقَ ضَرَبَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَجَأوُا إِلى الْحِيلَةِ يَعْتَذِرُونَ وَجَعَلُوا يَسْتَأْذَنُونَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْقُعُودِ فَيَأْذَنُ لَهُمْ وَيُعْرِضْ عَنْهُمْ.
وَلَمْ يَقْتَصِرِ الْمُنَافِقُونَ عَلَى تَخَلُّفِهِمْ وَقُعُودِهِمْ بَلْ بَثُّوا شُرُورَهُمْ وَجَعَلُوا يُثَبِّطُونَ النَّاسَ وَيُخَوِّفُونَهُمْ لِقَاءَ الرُّومِ وَيُرْجِفُونَ برَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَقُولُونَ فِيمَا يَقُولُونَ: يَغْزُو مُحَمَّدٌ بَنِي الأَصْفَرِ مَعَ جُهْدِ الْحَالِ وَالْحَرِّ وَالْبَلَدِ الْبَعِيدِ أَيَحْسَبُ مُحَمَّدٌ أَنَّ قِتَالَ بَنِي الأَصْفَرِ بَسِيطٌ كَقِتَالِ الْعَرَبِ بَعْضِهِمْ بَعْضَا وَاللهِ لَكَأَنَّكُمُ بِأَصْحَابِهِ غَداً مُقَرَّنِينَ فِي الْحِبَالِ.
وَكَانَ الْعَرَبُ يَنْظُرُونَ إِلى دَوْلَةِ الرُّومِ حِينَذَاكَ كَنَظَر كَثِيرٍ مِن النَّاسِ الْيَوْمَ إِلى دُوَلِ الْكُفْرِ دُوَلَ أُورُبَّا وَأَمْرِيكَا وَرُوسِيَا، قَالَ اللهُ تَعَالى: {وَجَاء الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُواْ اللهَ وَرَسُولَهُ} وَلَكِنَّ ذَلِكَ لَمْ يَمْنَعْ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَنْ يُعِدُّوا لِلْخُرُوجِ عُدَّتَهُ.
وَتَتَابَعَ النَّاسُ يَتَوَافَدُونَ عَلَى الْمَدِينَةِ مِنْ كُلِّ صَوْبٍ حَتَّى زَادَ عَدَدُهُمْ عَلَى ثَلاثِينَ أَلْفاً وَضَرَبَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَسْكَرَهُ عَلَى ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ وَاسْتَخْلَفَ عَلَيْهِ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ وَاسْتَخْلَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ مُحَمَّدَ بنَ مَسْلَمَةْ.
اللَّهُمَّ ثَبِّتْنَا عَلَى قَوْلِكَ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ وَبَعْدَهَا، وَاجْعَلْنَا مِنْ عِبَادِكَ الْمُفْلِحِينَ الذِينَ نَوَّرْتَ قُلُوبَهُمْ بِمَعْرِفَتِكَ، وَأَهَّلْتَهُمْ لِخِدْمَتِكَ، وَحَرَسْتَهُمْ مِنْ عَدُوِّكَ، وَاْغِفرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَلِجَمِيعِ المُسْلِمِينَ بِرَحْمَتِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute