ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَدَّ فِي سَفَرِهِ وَعَجِزَ نَفَرٌ مِنْ فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ عَنْ تَجْهِيزِ أَنْفُسِهِمْ وَهُمْ الْبَكَّاؤُونَ وَهُمْ سَبْعَةُ نَفَرٍ مِن الأَنْصَارِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ بَنِي عَمْرو بن عَوْفٍ وَسَالِم بْنُ عُمَيْرٍ، وَعُلَيَّة بن زَيْدٍ، أَحَد بَنِي حَارِثَةَ، وَأَبُي لَيْلَى عَبْد الرَّحْمَن أَخُي بَنِي مَازِنْ بنِ النَّجَّارِ، وَعَمْرُو بن الْحُمَامِ، وَعَبْد اللهِ بن مُغَفَّلٍ الْمَازِنِي وَبَعْض النَّاسِ يَقُولُ عَبْدُ اللهِ بنُ عَمْروٍ الْمَازِنِي وَهِرْمِيُ بنُ عَبْدُ اللهِ وَعِرْبَاضُ بنُ سَارِيَةَ.
فَاسْتَحْمَلُوا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانُوا أَهْلَ حَاجَةٍ فَقَالَ: ((لا أَجِدُ مَا أُحَمِّلُكُمْ عَلَيْهِ)) . فَتَوَلَوُا يَبْكُونَ وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنْ الدَّمْعِ حُزْناً أَلا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ.
وَقَامَ عُلَيَّةُ بنُ يَزِيد فَصَلَّى مِنْ اللَّيْلِ وَبَكَى وَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ قَدْ أَمَرْتَ بِالْجِهَادِ وَرَغَبَّتْ فِيهِ ثُمَّ لَمَ تَجْعَلْ عِنْدِي مَا أَتَقَّوَى بِهِ مَعَ رَسُولِكَ وَلَمْ تَجْعَلْ فِي يَدِ رَسُولِكَ مَا يَحْمِلُنِي عَلَيْهِ وَإِنِّي أَتَصَدَّقُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ بِكُلِّ مَظْلَمَةٍ أَصَابَنِي فِيهَا مِنْ مَالٍ أَوْ جَسَدٍ أَوْ عِرْضٍ.
ثُمَّ أَصْبَحَ مَعَ النَّاسِ فَقَالَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَيْنَ الْمُتَصَدِّقُ هَذِهِ اللَّيْلَةِ)) ؟ فَلَمْ يَقُمْ إِلَيْهِ أَحَدٌ قَالَ: ((أَيْنَ الْمُتَصَدِّقُ فَلْيَقُمْ)) . فَقَامَ إِلَيْهِ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَبْشِرْ فَوَالذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَقَدْ كُتِبَتْ فِي الزَّكَاةِ الْمُتَقَبَّلَةِ)) . فَفِي هَذَا مُعْجِزَةٌ مِنْ مُعْجِزَاتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَلِكَ بِإِخْبَارِهِ الْمُتَصَدِّق.
فَلَقَيَ اثْنَانِ مِنْهُمَا يَامِينَ بن عُمَيْرِ بنِ كَعْبِ النَّفَرِي فَقَالَ: مَا يُبْكِيكمَا؟ قَالا: جِئْنَا إِلى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَحْمِلَنَا فَلَمْ نَجِدْ عِنْدَهُ مَا يَحْمِلُنَا عَلَيْهِ وَلَيْسَ عِنْدَنَا مَا نَتَقَوَّى بِهِ عَلَى الْخُرُوجِ وَنَحْنُ نَكْرَهُ أَنْ تَفُوتَنَا غَزْوَةٌ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعْطَاهُمَا نَاضِحاً لَهُ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute