ثُمَّ إِنَّهُ أَتَى الأَبْرَصَ فِي صُورَتِهِ وَهَيْئَتِهِ
فَقَالَ: رَجُلٌ مِسْكِينٌ، قد تَقَطَّعَتْ بِه الْحِبَالُ فِي سَفَرِي، فَلاَ بَلاَغَ لي إِلاَّ بِاللَّهِ ثُمَّ بِكَ، أَسْأَلُكَ بِالَّذِي أَعْطَاكَ اللَّوْنَ الْحَسَنَ، وَالْجِلْدَ الْحَسَنَ، وَالْمَالَ بَعِيراً أَتَبَلَّغُ فِي سَفَرِي.
فَقَالَ: كَأَنِّى أَعْرِفُكَ، أَلَمْ تَكُنْ أَبْرَصَ يَقْذَرُكَ النَّاسُ، فَقِيراً فَأَعْطَاكَ اللَّهُ؟ !
فَقَالَ إنَّما وَرِثْتُ هذا المال كَابِرٍ عَنْ كَابِرٍ.
فقَالَ إِنْ كُنْتَ كَاذِباً فَصَيَّرَكَ اللَّهُ إِلَى مَا كُنْتَ.
وَأَتَى الأَقْرَعَ فِي صُورَتِهِ وَهَيْئَتِهِ، فَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَ لِهَذَا، وَرَدَّ عَلَيْهِ مِثْلَ مَا رَدَّ هَذَا فَقَالَ: إِنْ كُنْتَ كَاذِباً فَصَيَّرَكَ اللَّهُ إِلَى مَا كُنْتَ.
وَأَتَى الأَعْمَى فِى صُورَتِهِ وَهَيْئَتِهِ.
فَقَالَ: رَجُلٌ مِسْكِينٌ، وَابْنُ سَبِيلٍ، اَتَقَطَّعَتْ بِه الْحِبَالُ فِي سَفَرِي، فَلاَ بَلاَغَ لي الْيَوْمَ إِلاَّ بِاللَّهِ، ثُمَّ بِكَ أَسْأَلُكَ بِالَّذِي رَدَّ عَلَيْكَ بَصَرَكَ شَاةً أَتَبَلَّغُ بِهَا فِي سَفَرِي؟
فَقَالَ: قَدْ كُنْتُ أَعْمَى فَرَدَّ اللَّهُ بَصَرِي، فَخُذْ مَا شِئْتَ، ودع مَا شِئْتَ فَوَ اللَّهِ لاَ أَجْهَدُكَ الْيَوْمَ بِشَيءٍ أَخَذْتَهُ لِلَّهِ عز وجل.
فَقَالَ: أَمْسِكْ مَالَكَ، فَإِنَّمَا ابْتُلِيتُمْ، فَقَدْ رَضِي اللَّهُ عَنْكَ وَسَخِطَ عَلَى صَاحِبَيْكَ» متفق عليه.
قِيلَ إِنَّ مَلِكاً مِن الْمُلُوكِ كَانَ كَافِراً عَاتِياً مُتَكَبِّراً مُعْجَباً بِنَفْسِهِ حَدِيث السِّنِ مُسْتَحْكِمَ الْغَيْرَةِ وَكَانَ إِذَا رَكَبَ لَمْ يَرْفَعَ أَحَدُ صَوْتَهُ إِلا بِمَدْحِهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ.
وَكَانَ لَهُ وَزِيرٌ مُؤْمِنُ بِاللهِ جَلَّ وَعَلا قَدْ أَدْرَكَ حَوَارِيَّ الْمَسِيح وَهُوَ يَكْتُم إِيمَانَهُ وَيَتَحَيّنُ وَقْتاً يَتَمَكَّنُ فِيهِ مِنْ دَعْوَةِ الْمَلِكِ إِلى اللهِ جَلَّ وَعَلا.