للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَلِكَ فَإِنَّ اللهَ يَقُولُ عَنِ الصَّلاةِ: {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ} وَهِيَ أَكْبَرُ عَوْنٌ لِلْعَبْدِ عَلَى مَصَالِحِ دِينِهِ وَدُنْيَاهُ قَالَ اللهُ تَعَالى: {وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ} .

أَمَا عونُها على مصالِح دِينِهِ فَلأَنَّ الْعَبْدَ إِذَا دَاوَمَ عَلَى الصَّلاةِ وَحَافَظَ عَلَيْهَا قَويَتْ رَغْبَتُه فِي الْخَيْرِ، وَسَهُلَتْ عَلَيْهِ الطَّاعَاتِ وَبَذْلُ الإِحْسَانِ بِطَمَأْنِينَةِ نَفْسَ، وَاحْتِسَابِ، وَرَجَاءٍ لِلثَّوَابِ، وَأَمَّا عَوْنُهَا عَلَى مَصَالِحِ الدُّنْيَا فَإِنَّهَا تُهَوِّنُ الْمَشَاقَ وَتُسَلِّي عَن الْمَصَائِبِ وَاللهُ سُبْحَانه لا يُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً فَيُجَازِيِهِ بِتَيْسِيرِ أُمُورِهِ وَيُبَارِكْ فِي مَالِهِ وَأَعْمَالِهِ.

وَفِي تَأْدِيتِهَا جَمَاعَةً يَحْصُلُ التَّعَارِفُ وَالتَّوَاصِلُ وَالتَّوَاددُ وَالتَّعَاطَفُ وَالتَّرَاحُمْ وَيَسُودُ الْوَقَارُ وَالْمَحَبَّةُ بَيْنَ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ وَيَحْصُلُ بِذَلِكَ تَعْلِيمُ فِعْلِيٌّ لِصِفَةِ الصَّلاةِ.

وَانْظرْ إِلى مَا أَوْجَبَهُ اللهَ مِن الزَّكَاةِ تَرَى مَحَاسِنَ جَمَّةً مِنْهَا إِصْلاحُ حَالِ الْفُقَرَاءِ وَسَدِّ حَاجَةِ الْمِسْكِين، وَقَضَاءِ دَيْنِ الْمَدِينِ، وَمِنْهَا التَّخَلُقُ بَأَخْلاقِ الْكِرَامِ، مِنَ السَّخَاءِ وَالجْوُد ِوَالْبُعْدِ عَنْ أَخْلاقِ اللِّئَامِ وَمِنْهَا أَنَّهَا تُطَهِّرُ الْقَلْبَ مِنْ حُبِّ الدُّنْيَا بِبَذْلِ الْيَسِيرِ وَمِنْهَا حِفْظِ الْمَالِ مِنْ الْمُكَدِّرَاتِ وَالْمُنَغِصَاتِ الْحِسِّيَّةِ وَالْمَعْنَوِيَّةِ وَمِنْهَا الاسْتِعَانَةِ بِهَا عَلَى الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللهِ. وَالْمَصَالِحِ الْكُلِّيَةِ الَّتِي لا يَسْتَغْنِي عَنْهَا الْمُسْلِمُونَ وَمِنْهَا دَفْعُ صَوْلَةِ الْفُقَرَاءِ وَمِنْهَا أَنَّهَا دَوَاءٌ لِلْمُجْتَمَعِ وَطِبٌ لِلنُّفُوسِ بِهَا يَطْهُرُ الْمَرْءُ مِنْ رَذِيلَةِ الشُّحِ قَالَ تَعَالى: {وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} وَمِنْهَا أَنَّهُ لَوْ أَخْرَجَهَا الأَغْنِيَاءُ لانْقَطَعَ دَابِرُ الاشْتِرَاكِيَّةِ الْمُتَطَرِفَةِ وَالشُّيُوعِيَّةِ الْمُسْرِفَةِ، وَمِنْهَا أَنَّها لَوْ أُدِيتَ تَمَاماً لَحَصَلَ بِذَلِكَ رَاحَةُ الْحُكَّامِ وَصَرْفُ مَجْهُودَاتِهِمْ إِلى مَا يَعُودُ عَلَى الأُمَم بِالْفَلاحِ وَرَغَدِ الْعَيْشِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>