للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكل من له عقل سليم وطبع مستقيم علم أن هذه الأحوال لا تتيسر إلا بالتعليم الإلهي الرباني.

النوع الثاني: أنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ آلِهِ وَسَلَّمَ كان قبل إظهار دعواه الرسالة والنبوة ما كان يشرع في هذه المسائل الآلهية وما كان يبحث عنها وما جرى على لسانه قط حديث النبوة والرسالة.

والَّذِي يدل على صحة قولنا أنه لو اتفق له شروع في هذه الطالب والمباحث قبل إظهار إدعاء النبوة لقال الكفار له إنك أفنيت عمرك في التدبر والتأمل وتحصيل الكلمات حتَّى قدرت الآن على إظهارها.

ولما لم يذكر هذا الكلام أحد من الأعداء مع شدة حرصهم على الطعن فيه وفي نبوته علمنا أنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ آلِهِ وَسَلَّمَ ما كان شارعاً قبل إظهار النبوة في شيء من هذه العلوم.

ومعلوم أن من أنقضي من عمره أربعون سنة ولم يخص في شيء من هذه المطالب العلمية ثم إنه خاض فيها واحدة وأتى بكلام عجز الأولون والآخرون عن معارضته بل أنقضي الآن قريب من ستمائة سنة قلت وهذا بالنظر إلى زمن صاحب كتاب الأربعين في أصول الدين وأما الآن فقد مضى أربعة عشر قرناً وما أحد يمكنه إقامة المعارضة، فصريح العقل بأن هذا لا يكون إلا عللا سبيل الوحي والتننزيل أهـ.

شِعْرًا: ... تُغَازِلُنِي الْمَنيَّةُ مِنْ قَرِيبِ ... وَتَلْحَظُنِي مُلاحَظَةَ الرَّقِيبِ

وَتَنْشُرُ لِي كِتَابًا فِيهِ طَيِّي ... بِخَطِّ الدَّهْرِ أَسْطُرُهُ مَشِيبِي

كِتَابٌ فِي مَعَانِيهِ غُمُوضٌ ... يَلُوحُ لِكُلِّ أَوَّابٍ مُنِيبِ

أَرَى الأَعْصَارَ تَعْصِرُ مَاءَ عُودِي ... وَقِدْمًا كُنْتُ رَيَّانَ الْقَضِيبِ

أَدَالَ الشَّيْبُ يَا صَاحِ شَبابِي ... فَعُوِّضْتُ الْبَغِيضَ مِنَ الْحَبِيبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>