للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التاسع: أنه كان َصَلَّى اللهُ عَلَيْهِ آلِهِ وَسَلَّمَ مع أهل الدنيا والثروة في غاية الترفع ومع الفقراء والمساكين وأهل الدين في غاية التواضع.

العاشر: إنه َصَلَّى اللهُ عَلَيْهِ آلِهِ وَسَلَّمَ كان في كل واحدة من هذه الصفات والأخلاق في الغاية القصوى من الكمال كان مستجمعاً لها بأسرها ولم يتفق ذلك لأخذ من الخلق فكان اجتماعهما في ذاته من أعظم المعجزات.

وأما المعجزات العقلية فهي ستة أنواع:

النوع الأول: إنه َصَلَّى اللهُ عَلَيْهِ آلِهِ وَسَلَّمَ إنما ظهر من قبيلة ما كانوا من أهل العلم بل كان بلدة ما كان فيها أحد من العلماء، بل كانت الجهالة غالبة عليهم، ولم ينفق له سفر من تلك البلدة إلا مرتين إلى الشام وكانت مدة تلك المسافرة قليلة ولن يذهب أحد من العلماء والحكماء إلى تلك البلدة حتَّى يقال إنه تعلم من ذلك الحكيم.

وإذا خرج من مثل هذه البلدة ومثل هذه القبيلة إنسان من غير أن يمارس شيئاً من العلوم ولا تتلمذ لأحد من العلماء البتة ثم بلغ في معرفة ذات الله وصفاته وأفعاله وأحكامه هذا المبلغ العظيم الَّذِي عجز جميع الأذكياء من العقلاء عن القرب منه بل أقر الكل بأنه لا يمكن أن يزاد في تقرير الدلائل على ما ورد في القرآن.

ثم ذكر قصص الأولين وتواريخ المتقدمين بحيث لم يتمكن أحد من الأعداء أن يقول إنه أخطأ في شيء منها، بل بلغ كلامه في البعد عن الريب والشك إلى أن قَالَ عند مجادلهم إياه {فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لعْنَةَ اللهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ} وَقَالَ تعالى: {تِلْكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ} .

ولم يقدر أحد أن يقول إنه طالع كتاباً ولا تتلمذ لأستاذ وكانت هذه الأحوال ظاهرة معلومة للأصدقاء والأعداء على ما قَالَ: {أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ} وَقَالَ: {وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ} وَقَالَ: {فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِّن قَبْلِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ}

<<  <  ج: ص:  >  >>