للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما القسم الأول: وهو الأشياء الخارجة عن ذاته فهو كانشقاق القمر واجتذاب الشجر إليه، وتسليم الحجر عليه، ونبوع الماء من بين أصابعه، وإشباع الخلق الكثير من الطعام القليل، وحنين الخشب، وشكاية الناقة وشهادة الشاة المشوية، وإظلال السحاب قبل بعثته، وما كان من حال أبي جهل وصخرته حين أَرَادَ أن يضربها على رأسه وما كان من شاة أم معبد حين مسح يده على ضرعها.

وأما القسم الثاني: وهو الأحوال العائدة إلى ذاته فهو مثل النور الَّذِي كان ينتقل من أب فأب إلى أن خرج إلى الدنيا، وما كان من الخاتم، وما شوهد من خلقته وصورته التي يحكم علم الفراسة بأنها دالة على نبوته.

وأما القسم الثالث: وهو ما يتعلق بصفاته فهي كثيرة ونحن نشير إلى بعضها.

فالأول: أن أحداً ما سمع منه لا في مهمات الدين ولا في مهمات الدنيا كذبا البتة ولو صدر عنه الكذب مرة واحدة لاجتهد أعداؤه في تشهيره وإظهاره.

الثاني: أنه ما أقدم على فعل قبيح لا قبل النبوة ولا بعدها وإن عظم الخوف مثل يوم أحد ويوم الأحزاب. وهذا يدل على أنه كان قوي القلب بمواعيد الله حيث قَالَ تعالى: {وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} وَقَالَ تعالى {حَسْبُكَ اللهُ} وَقَالَ تعالى {إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ} .

الرابع: أنه كان عظيم الشفقة والرحمة على أمته قَالَ تعالى: {فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ} وَقَالَ تعالى: {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ} وَقَالَ تعالى: {وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ} وَقَالَ تعالى: {عزيز عليه ما عنِتمُ} .

الخامس: إنه عليه السلام كان في عظم الدرجات في السخاوة.

السادس: أنه ما كان للدنيا في قلبه وقع وأن قريشاً عرضوا عليه المال والزوجة والرياسة حتَّى يترك هذه الدعوى فلم يلتفت إليهم.

السابع: أنه كان في غاية الفصاحة، كما قَالَ «أوتيت جوامع الكلم» .

الثامن: أنه مضى على طريقته المرضية في أول عمره إلى آخره والكذاب المزور لا يمكنه ذلك وإليه الإشارة بقوله تعالى: {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ} .

<<  <  ج: ص:  >  >>