للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والكروب والعقبات وحاسب نفسك على ما تقترفه وتفعله من السيئات واتخذ من تقوى الله ستراً يقيك من غضب الله وعذابه.

فما أسعد من جعل التقوى رأس ماله وما أرشد من راقب الله في جميع أحواله فيا ويح من نسي الآخرة وأجهد نفسه في طلب الدنيا وكان بها جل اشتغاله.

أما وعظه من رحل من أعمامه وأخواله فالعجب ممن أفصحت له العبر وليس عنده سمع ولا بصر أيبكي فاقد الإلف وينسى نفسه أين مضى رفقاؤنا أين ذهب معارفنا وأصدقاؤنا هذه دورهم فيها سواهم وهذا محبهم فقد نسيهم وجفاهم.

فتفكروا إخواني في الراحلين واعتبروا بالسالفين وتأملوا في البصائر حال الدفين وتأهبوا فأنتم في أثر الماضين.

فيا مطلقاً اذكر قيودهم ويا متحركاً قد عرفت همودهم فخلص نفسك من أسر الذنوب وتأهب لخلاصك فإنك مطلوب وتذكر بقلبِكَ يوم تقلب القلوب.

واحذر حسرات الموت عند انقضاء المدة واحذر تسويف الَّذِينَ ذهبوا وما تأهبوا.

فكأني بِكَ أيها الغافل في لهوه ولعبه الرافل في أثواب غيه وطربه السعي في معصية ربه وغضبه فلم يشعر إلا وقد نزل به من الموت أسباب عطبه.

فدبت الأمراض في جسده وأبدل من لذيذ العيش بمر السقم ونكده وانتزعه المنون من ماله وأهله وولده.

فزود من ماله كفنا واعتاظ عن القصور محلة الأموات وطنا يتمنى الرجعة إلى الدنيا ليجتهد في الأعمال الصالحات فيقال له: هَيْهَاتَ هيهات حيل بينك وبين الأعمال النافعات.

ألم يأتك خبر هذا المصير ألم تسمع قول أصدق القائلين: {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءكُمُ النَّذِيرُ} فاحذر أن تكون ممن يمتنون الرجعة فلا يقدرون ولا يجابون.

<<  <  ج: ص:  >  >>