للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

.. إِنَّ الرَّحِيلَ حَقِيقٌ فَاسْتَعِدَّ لَهُ ... وَقَدْ أَتَاكَ نَذِيرُ الشَّيْبِ فَازْدَجِرْ

بَادِرْ مَتَابَكَ يَا مِسْكِينُ فِي عَجَلِ ... قَبْلَ الْمَنُونِ وَبَادِرْ فُسْحَةَ الْعُمُرِ

حَافِظْ عَلَى الْخَمْسِ في الأَوْقَاتِ إِنَّ لَهَا ... فَضْلاً وَقُلْ يَا إِلَهِي نَجِّ مِنْ سَقَرِ

طُوبَى لِعَبْدٍ تَقِيٍّ خَائِفٍ وَجِلٍ ... خَافَ الذُّنُوبَ وَبَاعَ النَّوْمَ بِالسَّهَرِ

وَقَامَ بِاللَّيْلِ لِلرَّحْمَنِ مُبْتَهِلاً ... يَتْلُو الْكِتَابَ وَدَمْعُ الْعَيْنِ كَالْمَطَرِ

إِنْ كُنْتَ تَبْغِي جِنَانَ الْخُلْدِ تَسْكُنُهَا ... مَعَ الْحِسَانِ ذَوَاتِ الْغُنْجِ وَالْحَورِ

تُسْقَى بِهَا سَلْسَبِيلاً طَابَ شَارِبُهَا ... مِنْ كَفٍّ غَانِيَةٍ أَضْوَى مِنَ الْقَمَرِ

فِي قُبَّةٍ مِنْ لُجَيْنٍ جَلَّ صَانِعُهَا ... قَدْ خَصَّهَا بِاخْتِلالِ النَّخْلِ وَالنَّهْرِ

وَالطَّيْرُ فِيهَا عَلَى الأَغْصَانِ عَاكِفَةٌ ... أَصْوَاتُهَا كَحَنِينِ الْعُودُ وَالْوَتَرِ

وَالْحُورُ يَمْشِينَ فِي حُلْي وَفِي حُلَلٍ ... كَمَا أَتَى فِي بَيَانِ الذِّكْرِ وَالسُّورِ

وَأعْكِفْ عَلَى سُنَّةِ الْهَادِي وَتَابِعِهِ ... وَاتْبَعْ طَرِيقَتَهُمْ تَقْفُوا عَلَى الأَثَرِ

وَاعْلَمْ بِأَنَّكَ عَنْ أَهْلِيكَ مُرْتَحِلٌ ... عَمَّا قَلِيلٍ لِبَيْتِ الدُّودِ وَالْمَدَرِ

لا تَأَمَنَّنَ مِن الدُّنْيَا وَزَهْرَتِهَا ... لأَنَّهَا كَسِرَاجٍ لاحَ لِلْبَصَرِ

أَيْنَ الأَحِبَّةُ وَالْجِيرَانُ مَا صَنَعُوا ... صَارُوا لَنَا خَبَرًا مِنْ أَعْظَمِ الْخَبَرِ

أَيْنَ الْمُلُوكُ الَّذِي عَاشَرْتَهُمْ زَمَنًا ... صَارُوا جَمِيعًا إِلَى الأَجْدَاثِ وَالْحُفَرِ

أَيْنَ الْقُصُورُ الَّتِي كَانَتْ مُعَمَّرَةً ... حُصُونُهَا مُلِئَتْ بِالْبُسْطِ وَالسُّرُرِ

أَيْنَ الْوُجُوهُ الَّتِي كَانَتْ مُنَعَّمَةً ... أَيْنَ الْخُدُودُ الَّتِي تَسْبِي أولي النَّظَرِ

صَارُوا جَمِيعًا إِلَى ضِيقِ الْقُبُورِ وَقَدْ ... صَارَتْ مَحَاسِنُهُمْ مِنْ أَقْبَحِ الصُّوَرِ

وَنَحْنُ عَمَّا قَلِيلٍ لاحِقُونَ بِهِمْ ... فَانْظُرْ لِنَفْسِكَ وَاحْذَرْ غَايَةَ الْحَذَرِ

آخر: ... يَا مُحِبَّ الدُّنْيَا الْغَرُورِ اغْتِرَارًا ... رَاكِبًا فِي طِلابِهَا الأَخْطَارَا

يَبْتَغِي وَصْلَهَا فَتَأْبَى عَلَيْهِ ... وَتَرَى أُنُسْهُ فَتُبْدِي نِفَارَا

... خَابَ مَنْ يَبْتَغِي الْوِصَالَ لَدَيْهَا ... جَارَةٌ تَزَلْ تُسِيءُ الْجِوَارَا

<<  <  ج: ص:  >  >>