للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المجانين أحسن حالاً منه وأسلم عاقبة، فهذا مِن هذا الوجه.

وأما تأثيرها في نقصان العقل المعيشي فلولا الاشتراك في هذا النقصان لَظَهَرَ لِمُطِيعِنَا نُقْصَانُ عقل عاصينا، ولكن الجائحة عامة، والجنون فنون.

ويا عجبًا لو صَحَّتِ العُقُولُ لَعَلمت أَنَّ الطرِيقَ الذي يحصل به اللذةُ والفرحةُ والسرورُ وطيّبُ العيشِ إنما هو في رضاء مَن النعيمُ كُلُه في رِضَاه والألمُ والعذابُ كله في سَخَطِهِ وغَضَبِهِ.

ففي رضاه قرةُ العيون، وسرورُ النفوس، وحياةُ القلوب، ولَذَّةُ الأرواح، وطِيبُ الحياةِ ولذةُ العَيشِ وأَطْيَبُ النعيم ممَّا لَو وُزنَ منه مثقالُ ذَرةٍ بنعيم الدنيا لم تَفِ بِهِ بل إذا حَصلَ لِلقلْبِ مِن ذلكَ أَيْسَرُ نَصِيبٍ لم يَرْضَ بالدنيا وما فيها عَوضًا منه.

ومَعَ هذا فهو يَنْعَمُ بنَصِيبِهِ أَعْظَمُ مِن تَنَعُّم المترفين فيها، ولا يَشُوبُ تَنَعُّمهُ بذلك الحظِ اليسيرِ ما يشوبُ تَنَعُمُّ المترفين مِن الهموم الغموم والأحزانِ والمعارضاتِ، بل قد حَصَلَ على النعيمين وهو ينتظر نعيمين آخرين أعظم منهما. انتهى.

لِلَّهِ قَومٌ أَطَاعُوا الله خَالقَهُمْ ... فآمَنُوا واسْتَقامُوا مِثْلَ ما أَمروا

والوَجُدُ والشوقُ والأفْكارُ قُوتُهمُوا ... ولازَمُوا الجِد والادْلاجَ في البُكَرِ

آخر ... إِذا ما كَسَاكَ لله سِرْبَاك صِحَّةٍ ... وَلَمْ تَخْلُ مِنْ قُوتًا يَحِلٌ ويعذُبُ

فلا تَغْبِطَنَّ المُتْرَفِينَ فَإِنَّهُمْ ... بِمِِقْدَارِ مَا يُكْسُونَ في الوْقَتِ يُسْلَبُ

آخر:

أَفادَتْني القَنَاعَةُ كُلَّ عِزٍ ... وَأَيُّ غِنىً أعَزَ مِنَ القَنَاعَةْ

فَصَيِّرْهَا لِنَفْسِكَ رَأْسَ مَالٍ ... وصَيّرْ بَعْدَهَا التَّقْوى بضَاعَةْ

تَحُزْ رِبْحَيْنِ تَغْنَى عن بَخِيلٍ ... وتَنْعَمُ في الجِنَانِ بِصَبْرِ سَاعَةْ

آخر ... أَخَصُّ الناس بالإِيمانِ عَبْدٌ ... خَفِيفُ الحَاذِ مَسْكَنُهُ القِفَارُ

لَهُ في اللِّيْلِ حَظٌ مِن صَلاةٍ ... ومِن صَوْمٍ إِذَا جَاءَ النَّهَارُ

<<  <  ج: ص:  >  >>