للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقُوتُ النَفسِ يَأتِي في كَفَافٍ ... وكَانَ لَهُ على ذَاكَ اصْطِبَارُ

وفيه عِفَّةُ وبِهِ خُمُولٌ ... إِليْهِ بالأَصَابعَ لا يُشَارُ

وقَلَّ البَاكِيَاتُ عَليّه لَمَّا ... قَضَى نَحْبًا ولَيْسَ لَهُ يَسَارُ

فَذَالِكَ قَدْ نَجا مِنْ كُلِّ شَرٍّ ... ولَمْ تَمْسَسْهُ يَوْمَ البَعْثِ نارُ

اللَّهُمَّ قَوِ إِيمانَنَا بِكَ وبملائكتِكَ وَبِكُتُبِكَ وَبِرُسُلِكَ وباليومِ الآخر وبالقدرِ خيرِه وشرِّهِ اللَّهُمَّ نَوِّرْ قُلُوبَنَا بِطَاعَتِكَ وَحُلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَعْصِيتِكَ وألْهِمْنَا ذِكرَكَ وَشُكْرَكَ واجْعَلْنَا هُدَاةً مُهْتَدِين واغْفِرْ لَنَا وَلِوالِدَيْنَا وَلِجَمِيعِ المُسْلِمِينَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، وصلَّى اللهُ عََلَى نَبينا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبهِ أَجْمَعِينَ.

الفصل الثالث: قَالَ ابنُ القَيّم رَحمَه اللهُ تعالى: ممَّا يَنْبَغِي أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ الذنوبَ والمَعَاصيَ تَضُرُ ولا بُدَّ أَنَّ ضَرَرَهَا في القَلْبِ كَضَرِرِ السُّمُومِ في الأبدان على اختلاف دَرَجَاتِها في الضَرَرِ. وهَلْ في الدُنيا والآخِرَةِ شَرٌّ وداءٌ، إِلا بِسَبَبِ الذُنوبِ والمعاصي؟

إِلى أَنْ قالَ رحِمَهُ اللهُ: فَمَا الذِي أَخْرَجَ الأَبَوَيْنَ مِنَ الجنةِ والنَعيمِ واللَّذةِ والبَهْجَةِ والسُرور إِلى دَارِ الآلام والأحْزَانِ والمصائِب وما الذي أَخْرجَ إبْليسَ مِنْ مَلَكوتِ السَمَاءِ وَطَرَدَهُ وَلَعَنَهُ وَمَسَخَ ظَاهِرَهُ وبَاطِنَهُ فَجَعَلَ صُورَتَهُ أَقْبَحَ صُورَة وأَشْنَعَهَا وبَاطنَهُ أَقْبَحَ مِنْ صُورَتِهِ وَأشْنَعَ وَبُدّلَ بالقُرْب بُعْدًا، وبالرَّحْمَةِ لَعْنَةً، وبالجَمَال قُبْحًا، وبالجنةِ نارًا تَلظَّى، وبالإيمانِ كُفْرًا، وَبِمْوَالاةِ الوَليّ الحَميدِ عَدَاوَةً وَمُشَاقّةً، وبزَجَلِ التَّسْبيحِ والتَّقْدِيسِ والتَّهْلِيل زَجَلَ الكُفْرِ والفُسوقِ والعِصْيَانِ، فَهَانَ عَلى الله تعالى غَايَة الهَوَانِ وسَقطَ مِنْ عَيْنِهِ غايَةَ السُقوط وحَلَّ عليْهِ غَضَبُ الربِّ تعالى فأهْوَاهُ، وَمَقتهُ أَكْبَرَ المَقْتِ فأرْدَاهُ، فَصَارَ قَوَّادًا لِكُلِّ فاسِقٍ ومُجْرِمٍ رَضِيَ لِنَفْسِهِ بالقِيادِةِ بَعْدَ تِلْكَ العِبَادَةِ والسِّيادَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>