أَمَا تَذْكُرُ القَبْرَ الوَحِيشَ وَلَحْدَهُ
بِهِ الجِسْمُ مِنْ بَعْدِ العَمَارَةِ يَخْرُبُ
أَمَا تَذْكُرُ اليَوْمَ الطَّوِيلَ وَهُوَ لَهُ
وِمِيزَانَ قَسْطٍ لِلْوَفَاءِ سَيُنْصَبُ
تُرُوحُ وَتَغْدُو فِي مَرَاحِكَ لاهِيًا
وَسَوْفَ بِأَشْرَاكِ المَنِيَّةِ تَنْشَبُ
تُعَالِجُ نَزْعَ الرُّوحِ مِنْ كُلِّ مَفْصِلٍ
فَلا رَاحِمٍ يُنْجِى وَلا ثَمَّ مَهْرَبُ
وَغُمضَتِ العَيْنَانِ بَعْدَ خُرُوجِهَا
وَبُسِّطَتْ الرِّجْلانِ وَالرَّأْسُ يُعْصَبُ
وَقَامُوا سِرَاعًا فِي جِهَازَكَ أَحْضَرُوا
حَنُوطًا وَأَكْفَانًا وَلِلْمَاءِ قَرَّبُوا
وَغَاِسُلَك المَحْزُونُ تَبْكِي عُيُونُهُ
بِدَمْعٍ غَزِيرٍ وَاكِفٍ يَتَصَبَّبُ
وَكُلُّ حَبِيبٍ لُبُّهُ مُتَحَرِّقٌ
يُحَرِّكُ كَفَّيْهِ عَلَيْكَ وَيَنْدُبُ
وَقَدْ نَشَرُوا الأَكْفَانَ مِنْ بَعْدِ طَيِّهَا
وَقَدْ بَخَّرُوا مَنْشُورَهُنَّ وَطَيَّبُوا
وَأَلْقُوكَ فِيمَا بَيْنَهُنَّ وَأَدْرَجُوا
عَلَيْكَ مَثَانِي طَيِّهُنَّ وَعَصَّبُوا
وَفِي حُفْرَةٍ أَلْقَوْكَ حَيْرانَ مُفْرَدًا
تَضُمَّكَ بَيِدَاءٌ مِنَ الأَرْضِ سَبْسَبُ
إِذَا كَانَ هَذَا حَالُنَا بَعْدَ مَوْتِنَا
فَكَيْف يَطِيبُ اليَومَ أَكْلٌ وَمَشْرَبُ؟!