وَهَذَا حَالُكَ عَنْ قَرِيبِ فَتَيَقَّظْ يَا قَلِيلَ الزَّادِ، وَحَادِي رَحِيلِهِ قَدْ حَدَى تَأَهَّبْ لِلتَّلفِ وَتَهَيَّأ لِلرَّدَى ذَهَبَ عَنْكَ شَهْرُ الصِّيَامِ وَوَدَّعَكَ وَسَارَتْ فِيهِ قَوَافِلُ الصَّالِحِيَن وَجَهْلُكَ مَنَعَكَ والتَّوْبِيخُ مُتَوَفَّرٌ فَمَا أَرْجَعَكَ وَلا أَزْعَجَكَ وَأَنْتَ تُؤَمِّلُ مَنَازِلَ العَامِلِينَ بَأفْعَالِ الغَافِلِينَ فَمَا أَطْعَمَكَ.
يَا مَنْ أَصْبَحَ سَاعِيًا إِلى مَا يَضُرَّهُ سَتَعْلَمُ مَنْ يَأَتِي غَدًا حَزِينًا مُتَنَدِّمًا كَمْ مِنْ صَائِمٍ يَفْضَحُهُ الْحِسَابُ وَالعَرْضِ، وَكَمْ مِنْ عَاصٍ فِي هَذَا الشَّهْرُ تَسْتَغِيثُ مِنْهُ الأَرْضُ فَيَالَيْتَ شِعْرِي مِنْ الْمَقْبُولِ مِنَّا فَنُهَنِّيهِ عَلَى تَوْفِيقِ اللهِ لَهُ بِحُسْنِ عَمَلِهِ، وَيَا لَيْتَ شِْعْرِي مِنْ الْمَطْرُودُ فَنُعَزِّيهِ بِسوءِ عَمَلِهِ، فَيَا أَيُّهَا الْمَقْبُولُ هَنِيئًا لَكَ بِثَوابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَرِضْوَانِهِ وَرَحْمَتِهِ وَغُفْرَانِهِ وَقَبُولِهِ وَإِحْسَانِهِ وَعَفْوِهِ وَامْتِنَانِهِ.
وَيَا أَيُّهَا الْمَطْرُودُ بإصْرَارِهِ، وَطُغْيَانِهِ وَظُلْمِهِ وَغَفْلَتِهِ وَخُسْرَانِهِ وَتَمَادِيهِ فِي عِصْيَانِهِ لَقَدْ عَظُمَتْ مُصِيبَتُكَ وَخَسِرْتَ تِجَارَتكَ وَطَالَتُ نَدَامَتُكَ فَيَا لَهَا مِنْ خُسَارَةٍ لا تُشْبِهُهَا خَسَارَةً للهِ دُرَُّ أَقْوَامٍ حَرَسُوا بَالتُّقَى أَوْقَاتَهُمْ وَتَدَرْعُوا دُرُوعَ الْمُرَاقَبَةِ فِي صَبْرِهِمْ وَجَمَعُوا بَيْنَ الصِّدْقِ وَالإِخْلاصِ فِي ذِكْرِهِمْ صَبَرُوا بَاليَقِينِ عَلَى ظَمَأِ الْهَوَاجِرِ وَبَسَطُوا أَقْدَامَهُمْ عَلَى بِسَاطِ الدّيَاجِر وَعَمِلُوا لِيَوْمٍ فِيهِ القُلُوبُ لدَى الْحَنَاجِرِ.
أَقْبَلُوا على خِدْمَةِ رَبِّهِمْ إقْبَالَ عَالِمْ وَمَا سَلَكُوا إلا الطريقَ السَّالِمُ تَذَكَّرُوا ذُنُوبَهُمْ القَدَائِمَ فَجَدَّدُوا التَّوْبَةَ بِصِدْقِ العَزَائِمْ وَعَدُّوا التَّقْصِيرَ مِنْ العَظَائِمِ وَبَدَّلُوا الْمُهْجَ الكِرَائِمَ فَإِذَا أَجَنَّ اللَّيْلُ فَسَاجِدُ وَقَائِمُ، وَلا يَخَافُونَ فِي اللهِ لَوْمَةَ لائِم، أَيْنَ أَنْتَ وَهُمْ؟ فَهَلْ تَرَى السَّاهِرَ كَالنَّائِمْ؟ كَلا وَلا الْمُفْطِرَ كالصَّائِمْ.
قَالَ ابنُ القَيِّمِ رَحِمَهُ اللهُ: مَنْ أَرَادَ اللهُ بِهِ خَيْرًا فَتَحَ لَهُ بَابَ الذُّلِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute