للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومَن ابتغى الهدى مِن غيره ضَل، ومَن فَهِمَهُ نَطَقَ بالحكم، وجَرَى على لسانه بحسنِ الموعظة، وكان مِن العلماء بالله جل وعلا.

ومَن عقل عن الله جَلَّ ذِكْرُه ما قال فقد اسْتَغْنَى به عن كل شيء وعَزَّ بِهِ مِنْ كلِ ذُل.

لا تَتَغَيَّر حَلاوَتُهُ ولا تُخْلِقُ جِدَّتُه في قلوب المؤمنين به على كثرة الترداد والتكرارِ لتلاوته.

لأنه كلام الحي القيوم، وكل كلام غير القرآن والأحاديث الصحيحة التي جاءت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فإنها تُمَلُّ من كَثْرة تَرْدَادها.

أما القرآنُ وما صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فإنَّ المؤمِن كُلَّ مَا كرره ازْدَادَ رَغْبةً وَنَشاطًا وَمَحَبَّةً لِلَكَلامِ وَلِمَنْ تَكَلَّم بِهِ وَهَذا مَوجُودٌ عندَنا في فِطَرِنَا فإنا نَسْمَعُ الكَلامَ مِمَّنْ نُحِبُّ مِنْ الْخَلْقِ. ومن نُعَظِّمُ قَدْرَهُ فَتَرْتَاحُ لِذَلِكَ قُلُوبُنَا.

فكيفَ بكلام ربنا رب العالمين الذي خَلَقَنَا وَرَزَقَنَا وَأَعْطَانَا وَآوَانَا وَعَافَانَا وَهَدَانَا.

شِعْرًا:

جَمِيعُ الكُتْبِ يُدْركُ مَنْ قَرَاهَا ... فُتُورٌ أَوْ كَلالٌ أَوْ سَآمَةْ

سِوَى القُرآن فَافْهَمْ وَاسْتَمِعْ لِي ... وَقَوْلِ الْمُصْطَفَى يَا ذَا الشَّهَامَةْ

وقد تكلم به حَقِيقة، وأنزله على محمد - صلى الله عليه وسلم - مع الأَمِين مِنْ ملائكته. فالواجب علينا الإصغاءُ وَالتَّفَهُّمُ لِمَا يُتْلَى مِنْ كَلام رَبَّنَا جَلَّ وَعَلا وتقدس.

وَأَنْتَ تعلم أَنَّهُ إِذَا كَان لِلذِّي يُحَدِّثُكَ عِنْدَكَ قَدْرٌ أَصْغَيْتَ إلى حَدِيْثِهِ باسْتِمَاعِ ما يَقُولُ وَتَفْهُم مَعَانِي مَا يَصِفُ.

ولو كان يَحْكِيهِ لَكَ عن حَاكِي لَفَعَلْتَ ذَلِكَ حُبًّا مِنْكَ لِقَائِلِهِ وَتَعْظِيمًا لِلْمُتَكَلِّم بهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>