وَلَوْ كَانَ بَادِيًا وَظَاهِرًا لَهُمْ مَا فِيهِ لأَحْضَرْتَ عَقْلَكَ إِلَيْهم وإليهم وإلى كَلامِهم وَحَدِيثهم، وَلَمْ تَرْضَ لَهُم بالاستماعِ دُونَ الفَهْمِ لَهُ، ولا بالفَهْمِ له دُونَ تَحْبُّبِهمْ عَلَى قَدْرِ حَدِيثِهمِ.
لِتُعْلمَهُم أنَّكَ قد فِهَمْتَ عَنْهُمْ ولم تَرْضَ لَهُم بالجَوابَ دُون أَنْ تُوَافِقَهم فَتُعَظِّمَ ما عَظَّمُوا وَتَسْتَحَسَّنَ مَا اسْتَحْسَنُوا وَتَسْتَقْبِحَ مَا اسْتَقْبَحُوا.
هَذَا وَأَكْثَرُ حَدِيثهم لَغْوٌ وَلَهْوٌ وَليس فيه مَنْفَعَةَ ولا دُنْيَا وَلا حَقَّ لهم يُؤكدُوهُ عَلَيْكَ بِقَوْلِهم ولا يَرْضَون عَنْكَ بِفَهْمِهِ وَلا تُحِبُّ لَهُمْ أَنْ يَسْخَطُوا عَلَيْكَ إِنْ لَمْ تَكُنْ تَفْهَمُه وَتَقُومُ به.
فكيف بالرب العظيم الكريم الذي سَهَّلَ لَكَ مُنَاجَاتَه، وَلَمْ يتكلم به لَغْو ولا قالَهُ لَهْوًا وَلَعِبًا ولا عَبْثًا، ولا خَاطب به سَهْوًا ولا تَفَكُّهَا تعالى الله عَزَّ وجل عن ذلك عُلُوًّا كبيرًا.