للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها أنه قال: تذكروا فحذف مُتَعَلَّقِةِ ولم يَقُلْ تذكَّرُوا الجنةَ والنار والعقوبة لأن التذكر الماحي لِطَيف الْهَوى مِن قلوب المتقين على حساب مَرَاتِبِ المتقين.

وَمَرْتَبَة التَّقوى يَدْخُلُ فيها الرسُل والأنبياء والصِّديقُونَ والأولياء والصالحون والمسلمون فتقوى كل أحد على حسب مقامه.

لذلك يَذْكَرُ كُلُ واحِدٍ على حَسَب مَقَامِهِ فلو ذكر قِسْمًا مِن أَقْسَام التَّذَكْرِ لم يدخُلْ فيه إلا أَهْلُ ذَلِكَ القِسْم.

شِعْرًا:

أَعْلَى الْمَمَالِكِ مَا التَّقْوَى لَهُ أُسُسٌ ... وَطَاعَةُ الله في سِرٍ وَإِعْلانِ

وَالعَدْلُ بَيْنَ عِبَادِ اللهِ كُلِّهمُوا ... لا فَرْقَ بَيْنَ شَرِيفٍ مِنْهُمْ أَوْ أَنِي

ومنها: قولُه سُبْحَانَهُ: {فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ} كَأَنَّهُ لم يَذْكُر أَعْلَى ذَلِكَ مِنَّا مِنْه سُبْحَانَه عليهم كَأَنَّهُم لَمَّا اسْتَيْقَظُوا ذَهَبَتْ سَحَابَةُ الغَفْلَةِ فأَشْرَقَتْ شمسُ البَصِيرَةِ.

ومنها التَّوْسِيعُ عَلَى المتقين لأنه لو قال إنَّ الذِينَ اتَّقَوْا لا يَمَسُّهُم طَيْفٌ من الشيطان خَرَجَ كل أَحَدٍ إِلا أَهْل العِصْمَةِ فَأَرَادَ سُبْحَانَهُ أَنْ يُوَسِّعَ دَائَرَة رَحْمَتِهِ. انتهى.

ثم اعلم وفقنا اللهُ وَإِيَّاك وجميع المسلمين لما يحبه ويرضاه أَنَّ التقوى التي أَعَدَّ اللهُ الجنة لأهلها قيلَ: إِنَّهَا امْتثالُ الأوامر واجتنابُ النواهي.

وقيل: هِيَ اتقاءُ الشَّركِ فَمَا دُونَهُ مِنْ ذَنْبٍ مِنْ كُلَّ مَا نَهَى الله عنه واتقاءَ تَضْيِيعِ وَاجِبٍ مِمَّا افْتَرَضَ الله.

وهي وَصِيَّةُ لِلأوَّلين والآخِرِين، قَالَ الله جل وعلا: {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللهَ} .

<<  <  ج: ص:  >  >>