للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال جل وعلا: {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ} .

وقد روى في الحديث إن المنادي يُنَادِي يوم القيامة: {يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنتُمْ تَحْزَنُونَ} فَتَرْفَعُ الْخَلائِقُ رؤوْسَهم يَقُولُونَ: نَحْنُ عِبَادُ الله عَزَّ وَجَلَّ.

ثم يُنَادِي الَّثانية: {الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ} فَيُنَكِسُ الكُفَّارُ رَؤُوْسَهُمِ، وَيَبْقَى الْمُوَحِدُون رَافِعِي رُؤوسَهُم.

وَيَبْقَى أَهْلُ التَّقْوَى رَافِعِي رُؤُوْسَهُمْ قَدْ أَزَالَ عَنْهُمْ الرِّبُ الكَرِيمُ الْخَوِفَ والْحَزَنَ كَمَا وَعَدَهُمْ وَهُوَ أَصْدَقُ القائِلِينَ وَأَوْفَى الْوَاعِدِين وَأَكْرَمُ الأَكْرَمِين لا يَخْذُلُ وَلِيَّهُ ولا يُسْلِمُهُ عِنْدَ الْهَلَكَة.

شِعْرًا:

لَوْ أَنَّنِي خُيّرتُ كُلَّ فَضِيلَةٍ ... ما اخْتَرْتُ إِلا طَاعَةَ الرَّحْمَنِ

كَُلُّ الأُمُورِ تَزُول عَنْكَ وَتَنْقَضِي ... إلا التُّقَى وَفَضَائِلُ الإيمَانِ

آخر:

حَقُّ التُّقَى وَإِنْ لَمْ يُدْنِهِ نَسَبٌ ... فَرَضٌ عَلى كُلِّ مَنْ لِلدِّينَ يَنْتَسِبُ

(مَوْعِظَةٌ) : عِبَادَ اللهِ لَقَدْ ضَاعَتْ أَعْمَارِنَا فِي الْقِيلِ وَالْقَالِ، وَالْغِيبَةِ وَالنَّمِيمَةِ، والْمُدَاهَنَةِ، وَالانْهِمَاكِ في الدُّنْيَا، إِلى أَنْ اسْتَلْحَقَ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ جُزْءًا مِنْ اللَّيْلِ مُضَافًا إِلى النَّهَارِ، وَكَأَنَّنَا لَمْ نُخْلَقْ إِلا لِهَذِهِ الأَعْمَالِ، أَفَلا نَسْتَيْقِظُ مِنْ غَفْلَتِنَا، وَنَحْفَظُ أَلْسِنَتِنَا عَنْ نَهْشِ أَعْرَاضِ الغَوَافِلِ، وَالطَّعْنِ فِي الأَحْسَابِ وَالأَنْسَابِ، وَنَصْرِفَ جُلَّ الأَوْقَاتِ، إِلى البَاقِيَاتِ الصَّالِحَاتِ، التِي هِيَ خَيْرٌ عِنْدَ رِبِّنَا ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَرَدا، وَنَذْكُرَ مَوْلانَا الذِي فَضْلُهُ عَلَيْنَا مِدْرَارٌ، فَإِنَّ الذِّكْرَ عَاقِبَتُهُ الْجَنَّةُ دَارُ الكَرَامَةِ وَالْقَرَارِ، مَعَ رِضَى رَبِّنَا الذِي دُونُهُ كُلُّ ثَوَابٍ، تَاللهِ لَوْ عَرَفْتُم قِيمَةِ هَذِهِ النَّصِيحَةِ لَبَادَرْتُمْ إِلى الْعَمَلِ بِهَا كُلَّ البِدَارِ فَإِنَّكَ وَأَنْتَ تَذْكُرُ الله أَفْضَلِ مِمَّنْ يُفَرِّقُ الذَّهَبَ وَالفِضَّةِ وَسَائِرَ الأَمْوَالِ

<<  <  ج: ص:  >  >>