وفي المسند عن ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعًا:«أن أَدنَى أَهلِ الجنةِ مَنزلةً لَيَنْظُرُ في مُلْكه أَلفَي سنة يَرى أقصاه كما يرى أدناه، يَنْظرُ إلى أَزْوَاجِهِ وَخَدَمِهِ، وَإِنْ أفضَلهُم مَنزلةً لمن يَنْظُرْ إلى وجْهِ الله تباركَ وَتَعالى كُلَّ يَومٍ مَرَّتين» . وخرجه الترمذي ولفظه:«إِنَّ أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً لَمَنْ يَنْظُرُ إِلَى أَزْوَاجِهِ ونَعِيمِهِ وَخَدَمِهِ وَسُرُرِهِ مَسِيرَةَ أَلْفِ سَنَةٍ» .
وأكرمُهم على الله من ينظرُ إلى وَجْههِ غُدْوَةً وَعَشِيًّا ثم قرأ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} . ولهذا المعنى قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح حديث جرير بن عَبْدِ اللهِ البَجَلي:«إنكم سَتَرونَ رَبَّكُم يومَ القيامة كما ترونَ القمرَ ليلةَ البدرِ لا تُضَامُونَ في رُؤْيَتِه» ، قال:«فإن اسْتَطَعْتُم أَن لا تُغْلِبُوا على صلاةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشمسِ وَصَلاةٍ قَبْل غُروبِها فَافْعَلُوا» ، ثم قرأ:{وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ} .
ولما كان هذانِ الوَقْتَانِ في الجنة وقتان للرؤية في خواصِ أهلِ الجنةِ، خَصَّ الرسول - صلى الله عليه وسلم - على المحافظة على الصلاة في هذين الوقتين في الدنيا فَمَنْ حَافَظَ على هاتين الصلاتين في الدنيا في هذين الوقت وصلاهُما على أكمل وُجُوهِمَا وخُشُوعِهِمَا وَحُضُورِهما وأدَبِهِما فإنه يُرْجَى له أن يكونَ مِمَّن يَرَى الله في هذين الوقتين في الجنة، لاسيما إن حافظ بعدَهُما على الذكر وأنواعِ العِبادات حتى تطلعَ الشمسُ أو تغربَ.
فإنَ وَصَلَ العبدُ ذَلِكَ بدُلجةِ آخر الليلِ فَقَدْ اجتمعَ له السيرُ في الأوقات الثلاثة وهي: الدُلْجَةُ، والغَدوةُ، والرَّوْحَةُ، فيوشكُ أن يَعْقِبَه الصِدقُ في هذا