يَقْتَضِي مَرْزُوقًا واسْمُ الرحيمِ يَقْتَضِي مَرْحُومًا وكذلك أسماء: (الغَفورِ، والعَفُوِّ، والتوابِ، والحَليم) يَقْتَضِي مَنْ يَغْفِرُ لَهُ وَيَتُوبُ عليه وَيَعْفو وَيَحْلُم وَيَسْتَحِيلُ تَعْطِيْلُ هَذِهِ الأسْمَاءِ والصفاتِ إذْ هِيَ أَسْمَاءٌ حُسْنَى وَصِفَاتُ كَمَالٍ وَنُعوتُ جَلالٍ وأَفعالُ حِكمةٍ وإحسانٍ وَجُودٍ فلا بدّ مِن ظهورِ آثارِها في العالَم.
وإلى هذا أشار أعلمُ الخلقِ باللهِ صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليهِ حيثُ يَقولُ «لو لم تُذْنبوا لذهب الله بكمْ وَلَجَاء بقوم يُذْنِبُونَ ثم يسْتَغْفرُونَ فَيَغْفِرُ لهم» وأَنْتَ إذا فرضْتَ الحيوان بجُمْلَتِهِ مَعْدُومًا فَمَنْ يَرْزُقُ الرَّزَّاقُ سبحانه وإذا فَرَضَتْ المَعْصِيَةَ والخَطِيئَةَ مُنْتَفِيةً عن العالَم فلِمَنْ يغفرُ؟ وعمَّنْ يَعْفُو؟ وعلى مَن يتوبُ وَيَحْلَم؟ وإذا فرضْتَ الفاقات كُلَها قد سُدَّتْ والعبيدَ أغنياءَ مُعَافِين فأَيْنَ السُؤالُ والتَّضَرُّعُ والابْتِهَالُ والإِجَابةُ وَشُهودُ المنةِ والتخصيصُ بالإنعام والإكرامِ فسُبْحانَ مَنْ تَعرَّف إلى خَلقِهِ بجميعِ أنواعِ التعرّفاتِ وَدَلّهم عليه بأنواعِ الدلالاتِ. انتهى.
شعرًا:
دَع المَعَاصِي عَنْكَ في مَعْزلٍ ... وتُبْ إلى مَن هو نِعْمَ الغِيَاثْ
فليْسَ يُحْظَ بِجَدِيد الرّضَا ... عَبْدٌ عَلَيه حَسَنَاتٌ رِثَاثْ
آخر:
وذُقْتُ مَرَارةَ الأشْيَاطُرًا ... فما طَعْمٌ أَمَرّ مِنَ المعَاصِي
حَتَّى مَتَى تُسْقَى النُفوسُ بكأسِها
رَيْبَ المَنونِ وأَنْتَ لاهٍ تَلْعَبُ
عَجَبًا لأَمْنِكَ والحَيَاةُ قَصِيرَةٌ
وَبِفَقْدِ إلفٍ لا تَزَالُ تُرَوَّعُ
أَفَقَدْ رَضِيتَ بأنْ تُعلّلَ بالمُنَى
وإِلَى المنِيَّةِ كُلَّ يَومٍ تُدْفَعُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute