النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - وَدَفَعَا إِلَيْهِ رِسَالَةَ بَاذَانَ، وَقَالا لَهُ: إِنَّ مَلِكَ الْمُلُوكِ كِسْرَى كَتَبَ إِلَى مَلِكِنَا بَاذَانَ أَنْ يَبْعَثَ إِلَيْكَ مَنْ يَأْتِيهِ بِكِ.
وَقَدْ أَتَيْنَاكَ لِتَنْطَلِقَ مَعَنَا فَإِنَّ أَجَبْتَنَا كَلَّمْنَا كِسْرَى بِمَا يَنْفَعُكَ، وَيَكُفُّ أَذَاهُ عَنْكَ، وَإِنْ أَبَيْتَ فَهُوَ مَنْ قَدْ عَلِمْتَ سُطْوَتَهُ، وَبَطْشَهُ، وَقُدْرَتُهُ عَلَى إِهْلاكِكَ، وَإِهْلاكِ قَوْمِكَ.
فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَقَالَ لَهُمَا: «ارْجِعَا إِلَى رِحَالِكُمَا الْيَوْم، وَأْتِيَا غَدًا فَلَمَّا غَدَوَا عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي الْيَوْم التَّالِي، أَخْبَرَهُمَا بِأَنَّ اللهَ قَتَلَ كِسْرَى حَيْثُ سَلَّطَ عَلَيْهِ ابْنَهُ ((شيرويه)) فِي لَيْلَةِ كَذَا مِنْ شَهْرِ كَذَا.
فَحَدَّقَا فِي وَجْهِهِ وَبَدَتِ الدَّهْشَةُ عَلَى وَجْهَيْهِمَا، وَقَالا: أَتَدْرِي مَا تَقُولُ: أَنَكْتُبْ بِذَلِكَ لِبَاذَانَ. قَالَ: «نَعَم، وَقُولا لَهُ إِنْ دِينِي سَيَبْلُغُ مَا وَصَلَ إِلَيْهِ مُلْكَ كِسْرَى، وَإِنَّكَ إِنْ أَسْلَمْتَ، أَعْطَيْتُكَ مَا تَحْتَ يَدَيْكَ، وَمَلَّكْتُكَ عَلَى قَوْمِكَ وَخَرَجَ الرَّجُلانِ مِنْ عِنْدَ الرَسُولِ صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلامُهُ عَلَيْهِ وَقَدِمَا عَلَى بَاذَانَ وَأَخْبَرَاهُ الْخَبَرَ.
فَقَالَ: لَئِنْ كَانَ مَا قَالَهُ مُحَمَّدٌ حَقًّا فَهُوَ نَبِيٌّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَسَنَرَى فِيهِ رَأْيًا. فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ قَدِمَ عَلَى بَاذَانَ كَتَابَ شِيرَويه.
وَفِيهِ يَقُولُ: أَمَّا بَعْدُ. فَقَدْ قَتَلْتُ كِسْرَى وَلَمْ أَقْتُلُهُ إِلا انْتِقَامًا لِقَوْمِنَا فَقَدْ اسْتَحَلَّ قَتْلَ أَشْرَافِهِمْ وَسَبَى نِسَائِهِمْ وَانْتَهَبَ أَمْوَالَهُمْ فَإَذَا جَاءَكَ كِتَابِي هَذَا فَخُذْ لِي الطَّاعَة مِمَّنْ عِنْدكَ.
فَلَمَّا قَرَأَ بَاذَانُ الْكِتَابَ ((كِتَابَ شيرويه)) طَرَحَهُ جَانِبًا وَأَعْلَنَ دُخُولُهُ فِي الإِسْلامِ وَأَسْلَمَ مَنْ كَانَ مَعَهُ مِنَ الْفُرْسِ بِالْيَمَنِ.. انتهى.
اللَّهُمَّ أَنْظِمْنَا فِي سِلْكِ الْفَائِزِينَ بِرِضْوَانِكَ، وَاجْعَلْنَا مِنْ الْمُتَّقِينَ الَّذِينَ أَعْدَدْتَ لَهُمْ فَسِيحَ جَنَّاتِكَ بِرَحْمَتِكَ فِي دَارِ أَمَانِكَ، وَعَافِنَا يَا مَوْلانَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute