عَلَى فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الَّذِي مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا وَلَوْ كَانَ مِنْ عُلَمَاءِ هَذَا الْعَصْرِ الْمُظْلِمُ لَسَمِعْتَ غَيْرَ هَذَا فَلا حَوْلَ وَلا قُوَةَ إِلا بِاللهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ وَهُوَ حَسْبُنَا وَنِعْمَ الْوَكِيلِ.
اللَّهُمَّ أَحْيِي قُلُوبًا أَمَاتَهَا الْبُعْدُ عَنْ بَابِكَ، وَلا تُعَذِّبْنَا بِأَلِيمِ عِقَابِكَ يَا أَكْرَمَ مَنْ سَمَحَ بِالنَّوَالِ وَجَادَ بِالإِفْضَالِ، اللَّهُمَّ أَيْقِظْنَا مِنْ غَفْلَتِنَا بِلُطْفِكَ وَإِحْسَانِكَ، وَتَجَاوَزْ عَنْ جَرَائِمِنَا بِعَفْوِكَ وَغُفْرَانِكَ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالْمَيِّتِينَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
" فَصْلٌ ": وَذُكِرَ أَنَّهُ قَدِمَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ الْمَنْصُورُ مَكَّةَ شَرَّفَهَا اللهُ حَاجًّا فَكَانَ يَخْرُجُ مِنْ دَارِ الْنَدْوَةِ إِلَى الطَّوَافِ فِي آخِرِ الليْلَ، يَطُوفُ وَيُصَلِّي وَلا يُعْلمُ بِهِ، فَإِذَا طَلَعَ الْفَجْرَ، رَجَعَ إِلَى دَارِ النَّدْوَةِ، وَجَاءَ الْمُؤَذِنُونَ فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ وَأُقِيمَتِ الصَّلاةَ فَيُصَلِّي بِالنَّاسِ.
فخَرَجَ ذَاتَ لَيْلَةٍ حِينَ أَسْحَرَ فَبَيْنَمَا هُوَ يَطُوفُ إِذْ سَمِعَ رَجُلاً عِنْدَ الْمُلْتَزِمِ وَهُوَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَشْكُو إِلَيْكَ ظُهُورَ الْبَغْي وَالْفَسَادَ فِي الأَرْضِ، وَمَا يَحُولُ بَيْنَ الْحَقِّ وَأَهْلِهِ مِنْ الظُّلْمِ، وَالطَّمَعِ، فَأَسْرَعَ الْمَنْصُورُ فِي مَشْيِهِ، حَتَّى مَلَءَ مَسَامِعَهُ مِنْ قَوْلِهِ وَفَهِمَ قَوْلُهُ كُلَّهُ.
ثُمَّ خَرَجَ فَجَلَسَ نَاحِيَةً مِنَ الْمَسْجِدِ، وَأَرْسَلَ إِلَيْهِ فَدَعَاهُ، فَأَتَاهُ الرَّسُولُ وَقَالَ لَهُ: أَجِبْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَاسْتَلَمَ الرُّكْنَ وَأَقْبَلَ مَعَ الرَّسُولِ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ الْمَنْصُورُ: مَا هَذَا الَّذِي سَمِعْتُكَ تَقُولُ مِنْ ظُهُورِ الْبَغْيِ وَالْفَسَادِ فِي الأَرْضِ وَمَا يَحُولُ بَيْنَ الْحَقِّ وَأَهْلِهِ مَنْ الطَّمَعِ وَالظُّلْمِ، فَوَاللهِ لَقَدْ حَشَوْتُ مَسَامِعِي مَا أَمْرَضَنِي وَأَقْلَقَنِي.
فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنْ أَمَّنْتَنِي عَلَى نَفْسِي أَنْبَأْتُكَ بِالأُمُورِ مِنْ أُصُولِهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute