وَقَدْ رَوِيَ لَنَا مِنْ طَرِيقٍ آخَرٌ أَنَّهُ لَقِيَهُ فِي الْمَسْعَى فَأَخَذَ بِلِجَامِ دَابَّتُهُ فَأَهْوَتْ إِلَيْهِ الأَجْنَادُ فَكَفَّهُمْ عَنْهُ الرَّشِيدُ فَكَلَّمَهُ فَإِذَا دُمُوع الرَّشِيد تَسِيلُ عَلَى مَعْرِفَةِ دَابَّتِهِ.
ثُمَّ انْصَرَفَ. وَأَنَّهُ لَقِيَهُ مَرَّةً فَقَالَ: يَا هَارُونُ فَعَلْتَ وَفَعَلْتَ. فَجَعَلَ يَسْمَعُ مِنْهُ ويَقُولُ: مَقْبُولٌ مِنْكَ يَا عَمّ، عَلَى الرَّأْسِ وَالْعَيْنِ.
فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَنْ حَالِ النَّاسِ كِيتَ وَكِيتَ. فَقَالَ: عَنْ غَيْرِ عِلْمِي وَأَمْرِي. وَخَرَجَ الْعُمَرِيُّ إِلَى الرَّشِيدِ مَرَّةٌ لِيَعِظَهُ فَلَمَّا نَزَلَ الْكُوفَةَ زَحَفَ الْعَسْكَرُ حَتَّى لَوْ كَانَ نَزَلَ بِهِمْ مِائَةَ أَلْفٍ مِنَ الْعَدُوِّ مَا زَادُوا عَلَى هَيْبَتِهِ. ثُمَّ رَجَعَ وَلَمْ يَصِلُ إِلَيْهِ.
وَعَنْ أَبِي يَحْيَى الزُّهَرِيّ قَالَ: قَالَ عَبْد اللهِ بن عَبْد الْعَزِيز الْعُمَرِيّ عِنْدَ مَوْتِهِ: بِنِعْمَةِ رَبِّي أُحَدِّثُ أَنِّي لَمْ أُصْبِحُ أَمْلُكُ إِلا سَبْعَةَ دَرَاهِم مِنْ لِحَاءِ شَجَرٍ فَتَلْتُهُ بِيَدِيّ وَبِنِعْمَةِ رَبِّي أُحَدِّثُ: لَوْ إِنَّ الدُّنْيَا أَصْبَحَتْ تَحْتَ قَدَمِي مَا يَمْنَعُنِي أَخْذُهَا إِلا أَنْ أُزِيلَ قَدَمِي عَنْهَا؛ مَا أَزَلْتُهَا.
اسْتَسْقَى مُوَسَى بن نُصَيْر فِي النَّاس فِي سنة ٩٣ حِينَ أُقْحِطُوا بِإِفْرِيقية فَأَمَرَهُمْ بِصِيَامِ ثَلاثةَ أَيَّامٍ ثُمَّ خَرَجَ بِهُمْ وَمَيَّزَ أَهْل الذِّمَة عَنْ الْمُسْلِمِين وَفَرَّقَ بَيْنَ الْبَهَائِمِ وَأَوْلادَهَا ثُمَّ أَمَرَ بِالبُكَاءَ وَارْتِفَاع الضَّجِيجِ وَهُوَ يَدْعُو اللهَ تَعَالَى حَتَّى انْتَصَفَ النَّهَارَ ثُمَّ نَزَل فَقِيلَ لَهُ: أَلا دَعَوْتَ لأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ؟ فَقَالَ: هَذَا مَوْطِنٌ لا يُذْكَرُ فِيهِ إِلا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فَسَقَاهُمُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لِمَّا قَالَ ذَلِكَ.
كَتَبَ زر بن حُبَيْش إِلَى عَبْدِ الْمَلِكَ بن مروان كِتَابًا يَعِظُهُ فِيهِ فكَانَ فِي آخِرِهِ: وَلا يُطْمِِعُُكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فِي طُولِ الْحَيَاةِ مَا يَظْهَرُ مِنْ صِحَّةِ بَدَنِكَ فَأَنْتَ أَعْلَمُ بِنَفْسِكَ وَاذْكُرْ مَا تَكَلَّمَ بِهِ الأَوَلُونَ.
شِعْرًا: ... إِذَا الرِّجَالُ وَلَدَتْ أَوْلادُهَا ... وَبُلِِيَتْ مِنْ كِبَرِ أَجْسَادُهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute