للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المأثورة والطريقة المعروفة من فعله - صلى الله عليه وسلم - إِذَا خَرَجَ يوم الفطر والأضحى إلى المصلى فأول شَيْء يبدأ به الصَّلاة. ثُمَّ يَنْصَرِف فَيَقُوم مُقَابِل النَّاس والنَّاس جُلُوس عَلَى صُفُوفِهِمْ فَيَعِظُهُمْ وَيُوصِيهُمْ بتقوى الله ويأمرهم بحلال الله وينهاهم عَنْ حرامه، ثُمَّ ينصرف، قَالَ أَبُو سعيد: فَلَمْ يزل النَّاس على ذَلِكَ حَتَّى خرجتُ مَعَ مروان وَهُوَ أمير الْمَدِينَة فِي عيد الأضحى أَوْ الفطر فَلَمَّا أتينا المصلى إِذَا منبر بناه كثير بن الصلت التابعي الكبير والمولود فِي الزمن النبوي.

فإذا مروان يريد أن يرتقيه قبل أن يصلي وفيه مخالفة للسنة الصحيحة والْعَمَل المأثور عَنْ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - فجذبت بثوبه ليبدأ بالصَّلاة قبل الخطبة فجذبَنِي فارتفع على المنبر فخطب قبل الصَّلاة. فقُلْتُ لَهُ ولأصحابه: غيرتم وَاللهِ سنة رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وخلفائه من بعده فأنهم كَانُوا يقدمون الصَّلاة على الخطبة فِي العيدين. فَقَالَ مروان: يَا أَبَا سعيد قَدْ ذهب مَا تعلم من تقديم الصَّلاة على الخطبة فِي العيدين. فَقُلْتُ: مَا أَعْلَمُ والله خَيْر مِمَّا لا أَعْلَمُ.

لأن الَّذِي أَعْلَمُ طَرِيقَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - الَّذِي أمرنا باتباعه والتأسي به: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} فَقَالَ مروان معتذرًا عَنْ ترك السنة: إن النَّاس لم يكونوا يجلسون لَنَا بعد الصَّلاة فجعلتها قبل الصَّلاة.

فتأمل هَذَا الموقف المشرف الَّذِي وقفه أَبُو سعيد الخدري رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وكيف جذب مروان بثوبه وَقَالَ لَهُ غيرتم: وَاللهِ ولم يخف صولة الإمارة وجاه الحكم وجاهر بالحق وأنكر البدعة وأمر بالسنة على رؤوس الأشهاد من النَّاس فحفظه الله ونصره وأيده وأعزه وصدق الله حيث قَالَ: {وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ} ، وَقَالَ جَلَّ وَعَلا: {إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ} .

<<  <  ج: ص:  >  >>