وروي أن ضبة بن محصن العنزيّ قَالَ: كَانَ عَلَيْنَا أَبُو مُوَسى الأشعري أميرًا بالبصرة فكَانَ إِذَا خطبنا حمد الله وأثنى عَلَيْهِ وصلى على النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - وأنشأ يدعو لعمر رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: فغاظني ذَلِكَ فقمت إليه فَقُلْتُ: أين أَنْتَ من صاحبه تفضله عَلَيْهِ فصنع ذَلِكَ جُمُعًا.
ثُمَّ كتب إلى عُمَر يشكوني يَقُولُ: إن ضبة بن محصن العنزي يتعرض فِي خطبتي فكتب إليه عُمَر: أن أشخصه إِليَّ فأشخصني إليه فقدمت فضربت عَلَيْهِ الْبَاب، فَقَالَ: من أَنْتَ فَقُلْتُ: أَنَا ضبة. فَقَالَ: لا مَرْحَبًا ولا أهلاً. قُلْتُ: أما المرحب فمن الله، وأما الأَهْل فلا أَهْل لي، ولا مال فبما استحللت يَا عُمَر إشخاصي من مصري بلا ذنب أذنبته، ولا شَيْء آتيته، فَقَالَ: مَا الَّذِي شجر بينك وبين عاملي، قَالَ: قُلْتُ: الآن أخبرك به، أَنَّهُ كَانَ إذا خطبنا حمد الله وأثنى عَلَيْهِ وصلى على النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -، ثُمَّ أنشأ يدعو لَكَ فغاظني ذَلِكَ منه، فقمت إليه فَقُلْتُ لَهُ: أين أَنْتَ من صاحبه، تفضله عَلَيْهِ، فصنع ذَلِكَ جُمُعًا.
ثُمَّ كتب إليك يشكوني، قَالَ: فاندفع رَضِيَ اللهُ عَنْهُ باكيًا، وَهُوَ يَقُولُ: أَنْتَ وَاللهِ أوفق منه وأرشد فهل أَنْتَ غافر لي ذنبي يغفر الله لَكَ.
قَالَ: فَقُلْتُ: غفر الله لَكَ. قَالَ: ثُمَّ اندفع بَاكيًا، وَهُوَ يَقُولُ: وَاللهِ لليلة من أَبِي بَكْرٍ ويوم، خَيْر من عُمَر وآل عُمَر.
وبعث الحجاج الظَالِم المشهور إلى الحسن فَلَمَّا دخل عَلَيْهِ قَالَ: أَنْتَ الَّذِي تَقُول: قاتلهم الله قتلوا عباد الله على الدرهم والدينار. قَالَ: نعم. قَالَ: مَا حَمَلَكَ على هَذَا؟ قَالَ: مَا أخذ الله على الْعُلَمَاء من المواثيق {لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ} قَالَ: يَا حسن أمسك عَلَيْكَ لسانك وَإِيَّاكَ أن يبلغني عَنْكَ مَا أكره فافرق بين رأسيك وجسدك. نعود بِاللهِ من الظلمة وأعوان الظلمة من أمثال الحجاج.