تتضمن الحث على الأَمْر بالمعروف والنهي عَنْ الْمُنْكَر: قفا نبك على رسوم علوم الدين والإسلام الَّذِي بدأ يرتحل من بلاده، ولكن يَا للأسف على منام الْقُلُوب وقيام الألسنة بالتقول والتأويل على للإسلام بما لا حقيقة له.
لقد انطمس المعنى وذهب اللب وما بقي إلا قشور ورسوم اكتفى كثيرون من الإسلام بمجرد الانتساب إليه بدون أن يعلموا به ويقوموا بالدعوة إليه تحذيرًا وإنذارًا وأمرًا ونهيًا وتبصيرًا للناس بدينهم بذكر فضله وعظمته وإيضاح أسراره وحكمه وغرس العقيدة الحقة فِي قُلُوبهمْ فهَذَا واجب الْمُسْلِمِين بَعْضهُمْ لبعض كُلّ عَلَى قَدْرِ استطاعته ومقدرته. أ. هـ.
وقوله - صلى الله عليه وسلم - فِي حديث جابر:«أوحى الله عَزَّ وَجَلَّ إلى جبريل عَلَيْهِ السَّلامُ أن أقلب مدينة كَذَا وَكَذَا بأهلها، قَالَ: يَا رب إن فيهم فلانًا لم يعصك طرفة عين. قَالَ: فَقَالَ: أقلبها عَلَيْهِ وعَلَيْهمْ، فَإِنَّ وجهه لم يتمعر فِي ساعة قط» .
وذكر الإمام أحمد عَنْ مالك بن دينار قَالَ: كَانَ حبر من أحبار بَنِي إسرائيل يغشى منزله الرِّجَال والنساء فيعظهم ويذكرهم بأيام الله فرأى بعض بنيه يغمز النساء فِي يوم فَقَالَ: مهلا يَا بَنِي فسقط من سريره فانقطع نخاعه وأسقطت امرأته وقتل بنوه.
فأوحى الله إلى نبيهم أن أخبر فلانًا الحبر: أني لا أَخْرَجَ من صلبك صديقًا أَبدًا مَا كَانَ غضبك إِلا أن قُلْتَ: مهلا يَا بَنِي.
إذا فهمت ذَلِكَ فاعْلَمْ أن الانتقام إِذَا وقع لَيْسَ هُوَ أخذًا للبرئ بجريمة المذنب كما يظن البعض، وإنما هُوَ أخذًا للمذنب بجريمة ذنبه، فالذنب ذنبان: ذنب يصدر عَنْ شخص، وَهُوَ الْفِعْل نَفْسهُ، وذنب يصدر عَنْ من يعلم هَذَا الذنب، وَهُوَ يقدر على مكافحته.