للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَمَّا رأى رَسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مكانهم قَالَ لعلي بن أبي طالب نم على فراشي وتسج بردائي الأخضر، فإنه لن يخلص إليك شَيْء تكرهه مِنْهُمْ، فَلَمَّا اجتمعوا على بابه قَالَ أَبُو جهل: إن محمدًا يزعم أنكم إن تابعتوه على أمره كنتم ملوك الْعَرَب، والعجم ثُمَّ بعثتم من بعد موتكم وجعلت لكم جنات كجنات الأردن، وإن لم تفعلوا كَانَ فيكم ذبح، ثُمَّ بعثتم من بعد موتكم، ثُمَّ جعلت لكم نار تحرقون فيها.

قَالَ: وخَرَجَ عَلَيْهمْ رَسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فأخذ حفنة من تراب ثُمَّ قَالَ: «نعم أَنَا أَقُول ذَلِكَ أَنْتَ أحدهم» . فأخذهم الله على أبصارهم عَنْهُ فلا يرونه وجعل ينثر ذَلِكَ التُّرَاب على رؤوسهم، وَهُوَ يتلوا عَلَيْهمْ {يس * وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ} إلى قوله: {فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ} ، ولم يبق مِنْهُمْ رجلاً إِلا وَقَدْ وضع على رأسه ترابًا، ثم انصرف فأتاهم آتٍ فقال: ما تنتظرون ها هنا؟ قالوا: محمدًا. قال: خيبكم الله، والله خرج عليكم محمد ثم ما ترك منكم رجلاً إلا وقد وضع على رأسه تراباً وانطلق لحاجته.

قَالَ: فوضع كُلّ واحد مِنْهُمْ يده على رأسه فَإِذَا عَلَيْهِ تراب، ثُمَّ جعلوا يتطلعون فيرون عليًا على الفراش مُسجَّى ببرد رَسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فيقولون: وَاللهِ إن هَذَا لمُحَمَّد نائمًا فِي برده، فَلَمْ يبرحوا كَذَلِكَ حَتَّى أصبحوا.

فقام علي عَنْ الفراش فَقَالُوا: وَاللهِ لَقَدْ صدقنا الَّذِي كان حدثنا وأنزل الله فِي ذَلِكَ: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} والشاهد هُوَ مجيء الشيطان ورؤيته وكلامه وَهُوَ أَبُو الجن لعنه الله.

ومن ذَلِكَ صياح إبلَيْسَ يوم أحد أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - قتل، فَلَمْ يشك فِي ذَلِكَ، حَتَّى طلع رَسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بين السعدين، قَالَ الراوي نعرفه بكتفيه إِذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>