مَتَاعُ غُرُورٍ لا يَدُومُ سُرُورُهَا ... وَأَضْغَاثُ حُلْمٍ خَادِعٍ بِبَهَائِهِ
فَمَنْ أَكْرَمَتْ يَوْمًا أَهَانَتْ لَهُ غَدًا ... وَمَنْ أَضْحَكَتْ قَدْ آذَنَتْ بِبُكَائِهِ
وَمَنْ تُسْقِهِ كَأْسًا مِنْ الشَّهْدِ غُدْوَةً ... تُجَرِّعُهُ كَأْسَ الرَّدَى فِي مَسَائِهِ
وَمَنْ تَكْسُ تَاجَ الْمُلْكِ تَنْزَعُهُ عَاجِلاً ... بِأَيْدِي الْمَنَايَا أَوْ بِأَيْدِي عَدَائِهِ
أَلا إِنَّهَا لِلْمَرْءِ مِنْ أَكْبَرِ الْعِدَا ... وَيَحْسَبُهَا الْمَغْرُورُ مِنْ أَصْدِقَائِهِ
فَلَذَّاتُهَا مَسْمُومَةٌ وَوَعُودُهَا ... سَرَابٌ فَمَا الظَّامِي رَوَى مِنْ عَنَائِهِ
وَكَمْ فِي كِتَابِ اللهِ مِنْ ذِكْرِ ذَمِّهَا ... وَكَمْ ذَمَّهَا الأَخْيَارُ مِنْ أَصْفِيَائِهِ
فَدُونَكَ آيَاتِ الْكِتَابِ تَجِدْ بِهَا ... مِن الْعِلْمِ مَا يَجْلُوا الصَّدَا بِجَلائِهِ
وَمَنْ يَكُ جَمْعُ الْمَالِ مَبْلَغَ عِلْمِهِ ... فَمَا قَلْبهُ إِلا مَرِيضًا بِدَائِهِ
فَدَعْهَا فَإِنَّ الزُّهْدَ فِيهَا مُحَتَّمٌ ... وَإِنْ لَمْ يَقُمْ جُلُّ الْوَرَى بِأَدَائِهِ
وَمَنْ لَمْ يَذَرْهَا زَاهِدًا فِي حَيَاتِهِ ... سَتَزْهَدُ فِيهِ النَّاسُ بَعْدَ فَنَائِهِ
فَتَتْرُكُهُ يَوْمًا صَرِيعًا بِقَبْرِهِ ... رَهِينًا أَسِيرًا آيِسًا مِن وَرَائِهِ
وَيَنْسَاهُ أَهْلُوهُ الْمُفَدَّى لَدَيْهِمُ ... وَتَكْسُوهُ ثَوْبَ الرُّخْصِ بَعْدَ غَلائِهِ
وَيَنْتَهِبُ الْوُرَّاثُ أَمْوَالَهُ الَّتِي ... عَلَى جَمْعِهَا قَاسَى عَظِيمَ شَقَائِهِ
وَتُسْكِنَهُ بَعْدَ الشَّوَاهِقِ حُفْرَةً ... يَضِيقُ بِهِ بَعْدَ اتِّسَاعِ فَضَائِهِ
يُقِيمُ بِهَا طولَ الزَّمَانِ وَمَا لَهُ ... أَنِيسٌ سِوَى دُودٍ سَعَى فِي حَشَائِهِ
فَوَاهًا لَهَا مِنْ غُرْبَةٍ ثُمَّ كُرْبَةٍ ... وَمِنْ تُرْبَةٍ تَحْوِي الْفَتَى لِبَلائِهِ
وَمَنْ بَعْدَ ذَا يَوْمَ الْحِسَابِ وَهَوْلُهُ ... فَيُجْزَى بِهِ الإِنْسَانُ أَوْ فِي جَزَائِهِ
وَلا تَنْسَ ذِكْرَ الْمَوْتِ فَالْمَوْتُ غَائِبٌ ... وَلا بُدَّ يَوْمًا لِلْفَتَى مِنْ لِقَائِهِ
قَضَى اللهُ مَوْلانَا عَلَى الْخَلْقِ بِالْفَنَا ... وَلا بُدَّ فِيهِمْ مِنْ نُفُوذِ قَضَائِهِ
فَخُذْ أُهْبَةً لِلْمَوْتِ مِنْ عَمَلِ التُّقَى ... لَتَغْنَمَ وَقْتَ الْعُمْرِ قَبْلَ انْقِضَائِهِ
وَإِيَّاكَ وَالآمَالَ فَالْعُمْرُ يَنْقَضِي ... وَأَسْبَابُهُا مَمْدُودَةٌ مِنْ وَرَائِهِ
وَحَافِظْ عَلَى دِينِ الْهُدَى فَلَعَلَّهُ ... يَكُونُ خِتامَ الْعُمْرِ عِنْدَ انْتِهَائِهِ