وَعَنْ أَبِي سعيد الخدري عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «تصَاحِب إِلا مؤمنًا ولا يأكل طعامك إِلا تقيٌّ» . قَالَ الْعُلَمَاءُ: معنى الْحَدِيث لا تدعوا إلى مؤواكلتك إِلا الأتقياء، لأن المؤاكلة تدعو إلى الأفلة، وتوجبها، وتجمَعَ بين القُلُوب، يَقُولُ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -: «فتوخ أن يكون خلطاؤك وذوو الاختصاص بك أَهْل التقوى» .
وعن عَائِشَة رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «لا تلزموا مجالس العشائر فَإِنَّهَا تميت الْقَلْب، ولا يبالي الرجل بما تكلم ناديهم، وتفرقوا في العشائر فإنه أحرى أن تحفظوا في المقالة» .
وَقَالَ بَعْضهمْ: ينبغي للمُؤْمِنِ أن يجانب طلاب الدُّنْيَا فَإِنَّهُمْ يدلونه على طلبها ومنعها وَذَلِكَ يبعده عن نجاته ويقضيه عَنْهَا ويحرض ويجتهد في عشرة أَهْل الْخَيْر وطلاب الآخِرَة:
شِعْرًا: ... اصْحَبْ مِن الإِخْوَانِ مَنْ أَخْلَصُوا ... للهِ فِي أَعْمَالِهِمْ واتَّقَوْا
وَمَنْ إِذَا تَكَاسَلتَّ فِي طَاعَةٍ ... للهِ لامُوكَ ولا قَصَّروْا
آخر: ... لَجَلْسَتِي مَعْ فَقِيهٍ مُخْلِصٍ وَرَعٍ ... أَنْفِي بِهَا الْجَهْلِ أَوْ أَزْدَدْ بِهَا أَدَبَا
أَشْهَى إِلَيَ مِنَ الدُّنْيَا وَزُخْرُفِهَا ... وَمِلْئِهَا فِضَّةً أَوْ مِلْئهَا ذَهَبًا
آخر: ... وَقارِن إِذا قارَنْتَ حُرًّا أَخًا تُقَى ... فَإِنَّ الْفَتَى يُزْرِي بِه قُرَنَاؤُهُ
آخر: ... وَمَنْ يَكُنِ الْغُرَابَ لَهُ دَلِيلاً ... يَمُرُّ بِهِ عَلى جِيفِ الْكِلابِ
كُلُّ مَنْ لا يَؤاخِيكَ فِي الله ... فَلا تَرْجُ أَنْ يَدُومَ إِخَاؤُهُ
خَيْرُ خِلٍ أَفْدَتْهُ ذُو إِخَاءٍ ... كَانَ للهِ وُدُهُ وَصَفَاؤهُ
وَقَالَ آخر: عَلَيْكَ بصحبة أَهْل الْخَيْر ممن تسلم منه في ظاهرك وتعينك رؤيته على الْخَيْر ويذكرك الله.
قَالَ الْعُلَمَاءُ: قَدْ حَذَرَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - من مُجَالَسَة من لا يستفيد المرء به فضيلة، ولا يكتسب بصحبته علمًا وأدبًا.