وعن وديعة الأنصاري قال: سمعت عُمَر بن الْخَطَّاب رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَقُولُ وَهُوَ يعظ رجلاً: لا تتكلم فيما لا يعنيك، واعتزل عَدُوّكَ، واحْذَرْ صَدِيقكَ إِلا الأمين ولا أمين إِلا من يخشى الله ويطيعه، ولا تمش مَعَ الفاجر، فيعلمك من فجوره، ولا تطلعه على سرك ولا تشاور في أمرك إِلا الَّذِينَ يَخْشَوْنَ اللهَ سُبْحَانَهُ.
ووعظ بَعْضهمْ ابنه فَقَالَ له: إياك وإِخْوَان السُّوء، فَإِنَّهُمْ يخونون من رافقهم، ويفسدون من صادقهم، وقربهم أعدى من الجرب، ورفضهم والبعد عنهم من استكمال الأَدَب والدين والمرء يعرف بقرينه، قال: والإِخْوَان اثنان فمحافظ عَلَيْكَ عَنْدَ البَلاء، وصديق لك في الرخاء، فاحفظ صديق البلية، وتجنب صديق العافية فَإِنَّهُمْ أعدى الأعداء وفي هَذَا المعنى يَقُولُ الشاعر:
(أَرَى النَّاسَ إِخْوَانَ الرَّخَاءِ وَإِنَّمَا ... أَخُوكَ الَّذِي آخَاكَ عِنْدَ الشَّدَائد)
(وَكُل خليل بالهوْينا ملاطِفٌ ... وَلكنَّمَا الإِخْوَانِ عِنْدَ الشَّدائد)
آخر: ... إِذَا حَقَّقْتَ وِدًّا فِي صَدِيق ... فَزُرْهُ ولا تََخَفْ مِنْهُ مِلالا
وَكُنْ كالشَّمْسِ تَطْلعُ كُلَّ يَوْمٍ ... وَلا تَكُ فِي زِيَارَتِهِ هِلالا
آخر: ... فَما أَكثَرَ الإِخْوَانَ حِينَ تَعْدُّهُمْ ... وَلَكِنَّهُمْ فِي النَّائِبَاتِ قَليلُ
آخر: ... وَكُلُّ مُقِلّ حِينَ يَغْدُو لِحَاجَةٍ ... إلى كُلّ يَلْقَى مِن النَّاسِ مُذْنِبُ
وكان بَنُوا عَمِّي يَقُولُونَ مَرْحَبَا ... فَلمَّا رَأَوْنِي مُعْدِمًا مَاتَ مَرْحَبُ
النَّاسُ أَعْوَانُ مَنْ دَامَتْ لَهُ نِعَمٌ ... وَالْوَيْلُ لِلْمَرَءِ إِنْ زَلَّتْ بِهِ قَدَمُ
لمَّا رَأَيْتُ أَخِلائِي وَخَالِصَتِي ... وَالْكُلُّ مُنْقَبضٌ عَنِّي وَمُحْتَشِمُ
أَبْدَوْا صُدُودًا وَإِعْرَاضًا فَقُلْتُ لَهُمْ ... أَذنَبْتُ ذَنْبًا فَقَالُوا ذَنْبُكَ الْعَدَمُ
آخر: ... سَمِعْنَا بالصَّدِيق ولا نَراَهُ ... عَلى التَّحْقِيقِ يُوجَدُ فِي الأَنَام
آخر: ... فَرِيدٌ مِن الخلانِ فِي كُلِّ بلدةٍ ... إِذَا عَظُمَ المطلوبُ قَلَّ الْمُسَاعِدُ
آخر: ... وَإِنِّي رَأَيْتُ النَّاسَ إِلا أَقَلَهُمْ ... خِفَافَ الْعُهُودِ يُكْثِرونَ التَّنَقُّلا