مِنْ غَيْبتِهِ، وَمِنْهُمْ: مَنْ يخرجُ إلى الحجِّ ولا يخرجُ من المظالمِ، ولا يَنْظُرُ في نَفَقَتِهِ، ومنهم: مَنْ يجاورُ بمكةَ وَيَنْسى الحُرمَة، ومنهم: مَنْ يأمرُ بالمعروفِ وَيَنْسَى نفسَه. قلتُ: وأهلَه وأولاَدَهُ.
ومنهم: مَنْ يَزْهَدُ في المالِ وهو راغبٌ في الرياسةِ بالزُهْدِ. ومنهم: مَنْ يتخلقُ بأخلاقِ الفقراء فِي صُوَرِ ثيابهِمْ وَمُرَقَّعَاتِهِمْ وَيَتْرُك أخلاقَهُم الباطِنَة، فيشبعُ من الشهواتِ، وينامُ الليلَ ولا يعرفُ واجباتِ الشرْع.
قلتُ: وهؤلاءِ غرورُهم عظِيمٌ كما قال بعضُ العلماءِ لأنهمْ يظنون أنهم يُحبون في اللهِ ورسولهِ وما قَدروا على تحقيق دقائق الإخلاصِ إلا وهم مُخلِصون، ولا وَقَفوا على خبايا النفس إلا وهم مُنَزَّهون، وهم أَحَبُّ في الدنيا مِنْ كل أحد وَيُظهرون الزُّهدَ في الدنيا لِشِدَّةِ حِرصِهِم عليها وَقوةِ رغبتهمْ فيها. قال بعضهم فيمن يُظْهِرُ الزهدَ في الدنيا وهو حريصٌ عليها:
أَظْهَرُوا لِلنَّاسِ زُهْدًا ... وعلى الدِّينَار دَارُوا