قلبك، فاعْلَمْ إِنَّكَ مريض، أما مرض شبهة وإِلا مرض شهوة، وأنك ناقص معيب، دونهم فِي الطهارة، فداو نفسك من عيوبها، وطهرها من أوزارها حَتَّى تتقابر الأرواح وتتشاكل النُّفُوس، فتحل الألفة محل النفرة.
وإذا رَأَيْت نفسك تميل إِلَى من تعرفهم بالشَّر والفجور، والفسق والخلاعة والعهر فإتهم نفسك واستدرك عمرك قبل الفوت، وابتعد عنهم كُلّ البعد، وتب إِلَى الله واسأله أن يعافيك مِمَّا ابتلاهم.
وإذا رَأَيْت نفسك تحدثك بأنك البر الأمين التقي المخلص أَوْ الإِنْسَان المهذب، فكذب نفسك فِي الإعجاب، وفي هَذَا الوهم الكاذب، وأعتقَدْ إِنَّكَ غر مخدوع، وأبله مفتون، ففتش فِي زوايا قلبك، تجد للباطل ركنًا، وللشيطان حظًا، وللفساد جوًا وَهَذَا ما جذب قلبك إِلَى الأَشْرَار.
وإذا رأيتك تميل إِلَى الأخيار، وتحب مجالسهم، وتنجذب نفسك إليهم، مَعَ علمك بسوء سيرتك واعوجاج طريقتك، فاعْلَمْ أن فيك بقبة خَيْر، ولا يزال فيك أمل فَرَبِّ هَذِهِ البقية وَقَوِّ هَذَا الأمل، حَتَّى يرحل عَنْكَ الشَّر، وتدخل فِي حزب الْخَيْر.
وكَذَلِكَ إِذَا رَأَيْت فِي نفسك بَعْض الميل للمجرمين، وأَنْتَ طاهر تقي نقي، فاعرف أن الشيطان قَدْ نفث فيك نفثة، وثغر فِي قلبك يغرة، فتدارك أمرك وتحصن منه واستعذ بِاللهِ قَالَ الله تَعَالَى لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: {وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ} الآيَة، وقَالَ: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} إِلَى آخر السورة أ. هـ. من الأَدَب النبوي.
وَعَنْ أَبِي ذر أنَّه قَالَ: الصَاحِب الْخَيِّرُ خَيْر من الوحدة، والوحدة خَيْر من جلَيْسَ السُّوء، ومملي الْخَيْر خَيْر من الساكت، والساكت خَيْر من مملي الشَّر. وَاللهُ أَعْلَمُ وصلى الله على مُحَمَّد وآله وسلم.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute