للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ بَعْضهمْ:

يَا مَنْ تَبَرَّمَتِ الدُّنْيَا بِطَلْعَتِهِ ... كَمَا تَبَرَّمَتِ الأَجْفَانُ بِالسُّهُدِ

يَمْشِي عَلَى الأَرْضِ مُخْتَالاً فَأَحْسِبُه ... لِثقْل طَلْعَتِهِ يَمْشِي عَلَى كَبِدِي

وقَالَ ابن القيم:

ورَأَيْت يَوْمًا عَنْدَ شيخنا قدس الله روحه رجلاً من هَذَا الضرب، والشَّيْخ يحمله، وقَدْ ضعفت القوى عَنْ حمله، فالتفت إلي وقَالَ: مُجَالَسَة الثقِيْل حمى الربع، ثُمَّ قَالَ: لكن قَدْ أدمنت أرواحنا على الحمى، فصَارَت لها عادة أَوْ كما قَالَ:

قال بعضهم:

مَا حِيلَتِي فِي ثَقِيْلٍ قَدْ بُلِيتَ بِهِ ... مِنْ قُبْحِ طَلْعَتِهِ يَسْتَحْسَنُ الرَّمَدُ

قَدْ زَادَ فِي الثِّقْلِ حَتَّى مَا يُقَارِبُه ... فِي ثِقْلِهِ أَحَدٌ حَتَّى وَلا أَحُدُ

ومرض الشعبي فعاده ثقِيْل فأطال الجلوس ثُمَّ قَالَ للشعبي: ما أشد ما مر بك فِي مرضك؟ قَالَ: قعودك عِنْدِي.

ومر به صديق لَهُ وَهُوَ بين ثقِيْلين فقَالَ لَهُ: كيف الروح؟ فقَالَ: فِي النزع يعني فِي شدة عظيمة.

وبالجملة: فمخالطة كُلّ مخالف حمى للروح، فعرضية ولازمة.

ومن نكد الدُّنْيَا على الْعَبْد أن يبتلى بواحد من هَذَا الضرب، ولَيْسَ لَهُ بد من معاشرته ومخالطته فليعاشره بالمعروف، حَتَّى يجعل الله لَهُ من أمره فرجًا ومخرجًا.

القسم الرابع: من مخالطته الهلك كله ومخالطته بمنزلته بمنزلة أكل السم، فَإِنَّ اتفق لآكله ترياق، وإِلا فأحسن الله فيه العزاء، وما أكثر هَذَا الضرب فِي النَّاس لا كثرهم الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>