للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالآدَمِيُّ بِهَذَا الْكَسْبِ مُرْتَهِنٌ ... لَهُ رَقِيبٌ عَلَى الأَسْرَارِ يَطَّلِعُ

حَتَّى يَرَى فِيهِ يَوْمَ الْجَمْعِ مُنْفَرِدًا ... وَخَصْمُهُ الْجِلْدُ وَالأَبْصَارُ وَالسَّمْعُ

وَإِذْ يَقُومُونَ وَالأَشْهَادُ قَائِمَةً ... وَالْجِنُّ وَالإِنْسُ وَالأَمْلاكُ قَدْ خَشعُوا

وَطَارَتْ الصُّحُفُ فِي الأَيْدِي مُنْتَشِرَةً ... فِيهَا السَّرَائِرُ وَالأَخْبَارُ تَطَّلِعُ

فَكَيْفَ بِالنَّاسِ وَالأَنْبَاءُ وَاقِعَةٌ ... عَمَّا قَلِيلٍ وَمَا تَدْرِي بِمَا تَقَعُ

أَفِي الْجِنَانِ وَفَوْزٍ لا انْقِطَاعَ لَهُ ... أَمْ فِي الْجَحِيمِ فلا تُبْقِي وَلا تَدَعُ

تَهْوِي بُسُكَّانِهَا طَوْرًا وَتَرْفُعُهُمْ ... إِذَا رَجَوْا مَخْرَجًا مِنْ غَمِّهَا قُمِعُوا

طَالَ الْبُكَاءُ فَلَمْ يَنْفَعْ تَضَرُّعُهُمْ ... هَيْهَاتَ لا رِقَّةٌ تُغْنِي وَلا جَزَعُ

اللَّهُمَّ ثَبِّتْ محبتك فِي قلوبنا وقوها ونور قلوبنا بنور الإِيمَان وَاجْعَلْنَا هداة مهتدين وآتنا فِي الدُّنْيَا حسُنَّة وفي الآخِرَة حسُنَّة وقنا عذاب النار، اللَّهُمَّ أنظمنا فِي سلك الفائزين برضوانك، وَاجْعَلْنَا مِنْ المتقين الَّذِينَ أعددت لَهُمْ فسيح جنانك، وأدخلنا بِرَحْمَتِكَ فِي دار أمانك، وعافنا يَا مولانَا فِي الدُّنْيَا والآخِرَة مِنْ جَمِيعِ البلايا، وأجزل لَنَا من مواهب فضلك وهباتك ومتعنا بالنظر إِلَى وجهك الكريم مَعَ الَّذِينَ أنعمت عَلَيْهمْ من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِين الأحياء مِنْهُمْ والميتين بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.

" فَصْلٌ "

وقَالَ ابن القيم: أصل الْخَيْر والشَّر من قبل الفكر، فَإِنَّ الفكر مبدأ الإرادة والطلب فِي الزهد، والترك، والحب والبغض وأنفع الفكر فِي مصالح المعاد وفي طرق اجتلابها، وفي دفع مفاسد المعاد وفي طرق اجتنابها، فهذه أربعة أفكار هِيَ أجل الأفكار، ويليها أربعة، فكر فِي مصالح الدُّنْيَا وطرق تحصيلها وفكر فِي مفاسد الدُّنْيَا وطرق احتراز مَنْهَا فعلى هَذِهِ الأقسام الثمانية دارت أفكار العقلاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>